ينقل بنفسه شيئا فشيئا لم يحنث وان بقي في ذلك شهرا إذا لم يفرط لان نقل الأمتعة ضد الاستقرار في ذلك المكان فاشتغاله به يمنعه من أن يكون ساكنا فيه فلا يحنث لهذا ولو حلف لا يساكن فلانا في دار قد سماها بعينها واقتسما وضربا بينهما حائطا وفتح كل واحد منهما بابا لنفسه ثم سكن الحالف طائفة والآخر طائفة لزمه الحنث لأنه قد ساكنه فيها بعينها والمعني فيه أن شرط حنثه حين عقد اليمين ان يجمعهما فعل السكنى في الموضع الذي عينه وقد وجد ذلك بعد القسمة وضرب الحائط كما قبله وهذا بخلاف ما لو كانت يمينه على أن لا يساكنه في منزل ولم يسم دارا بعينها ولم ينوها لان هناك بالقسمة وضرب الحائط صار كل جانب منزلا على حدة ولان في غير العين يعتبر الوصف وفى العين يعتبر العين دون الوصف كما لو حلف أن لا يكلم شابا فكلم شيخا كان شابا وقت يمينه لم يحنث بخلاف ما لو حلف أن لا يكلم هذا الشاب فكلمه بعد ما شاخ يحنث وهذا لأنه في الدار المعينة أظهر بيمينه التبرم منها لا من فلان وفى غير المعين إنما أظهر التبرم من مساكنة فلان ولا يكون مساكنا له إذا لم يجمعهما منزل واحد ولو حلف أن لا يساكنه وهو ينوى في بيت واحد فساكنه في منزل كل واحد منهما في بيت لم يحنث لأنه نوى أكمل ما يكون من المساكنة فتصح نيته ويصير المنوي كالملفوظ به وان حلف أن لا يسكن دارا بعينها فهدمت وبنيت بناء آخر فسكنها يحنث لأنها تلك الدار بعينها ومعنى هذا ان البناء وصف ورفع البناء الأول واحداث بناء آخر يغير الوصف وفى العين لا معتبر بالوصف واسم الدار يبقي (يبقى) بعد هدم البناء حتى لو سكنها كذلك صار حانثا وهذا لان الدار اسم لما أدير عليه الحائط فلا يزول ذلك برفع البناء أما ترى أن العرب تطلق اسم الدار على الخرابات التي لم يبق منها الا الآثار قال القائل * عفت بالديار محلها فمقامها * وقال آخر * يا دار مية بالعلياء فالسند * وهذا بخلاف ما لو حلف لا يسكن بيتا عينه فهدم حتى ترك صحراء ثم بني بيت آخر في ذلك الموضع فسكنه لم يحنث لان اسم البيت يزول بهدم البناء ألا ترى أنه لو سكنه حين كان صحراء لم يحنث وهذا لان البيت اسم لما يكون صالحا للبيتوتة فيه والصحراء غير صالح لذلك واليمين المعقودة باسم لا يبقى بعد زوال الاسم ثم إنما حدث اسم البيت لذلك الموضع بالبناء الذي أحدث فكان هذا اسما غير ما عقد به اليمين ووزانه من الدار ان لو جعلها بستانا أو حماما ثم بنى دارا فسكنها لم يحنث لان الاسم زال جعلها بستانا أو حماما ثم حدث اسم الدار
(١٦٤)