(باب كتابة المرتد) (قال) رضي الله عنه مرتد كاتب عبده ثم لحق بدار الحرب ثم رجع مسلما فان رفع المكاتب إلى القاضي فرده في الرق فالمكاتبة باطلة والا فهو على مكاتبته لان عقده كان موقوفا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقد بطل بقضاء القاضي فلا يعود بعد ذلك وان عاد الملك إليه وإذا كاتب المسلم عبده ثم ارتد المولى فهو على مكاتبته وان لحق بدار الحرب لان لحوقه بدار الحرب مرتدا كموته وبموت المولى لا تبطل الكتابة بعد ما صحت ولكن يؤدى المكاتبة إلى ورثته وإن كان المرتد قبض منه مكاتبته فان أسلم فهو حر وان قتل مرتدا لم يجز اقراره بالقبض في قول أبي حنيفة رحمه الله وهو على حاله إذا لم يعلم ذلك الا بقوله لان اقراره كسائر تصرفاته قولا فيبطل إذا قتل على ردته عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال فإن كان يعلم ذلك يجوز أخذه للدين بشهادة الشهود في كل ما وليه ولا يجوز أن يخرج شيئا من ملكه بثمن وغير ذلك وأكثر مشايخنا رحمهم الله تعالى يقولون إن هذا الجواب غلط في الكتابة وإنما يستقيم هذا في ثمن المبيع لان ثمن المبيع حق القبض فيه للعاقد فأما في بدل الكتابة حق القبض ليس للعاقد ولكنه للمالك ألا ترى أن الوكيل بالكتابة لا يقبض البدل فكان هذا دين وجب له لا بمباشرة سببه فلا يصح قبضه في براءة المديون إذا قتل على ردته (قال) رضي الله عنه عندي أن ما ذكره في الكتاب صحيح لان حق القبض هنا يثبت له بعقد الكتابة فإنه باشر العقد في ملكه فلهذا يستحق ولاءه وان قبض ورثته البدل وإذا ثبت أن حق القبض له بالعقد لا يبطل ذلك بردته كما في البيع وهذا لان المكاتب يستحق الحرية عند تسليم المال إليه وردته لا تبطل استحقاق المكاتب (فان قيل) لماذا لا يقول في الاقرار هكذا استحق براءة قيمته عند اقراره بالقبض منه فلا يبطل ذلك بردته (قلنا) إنما يستحق براءة ذمته عند اقراره بقبض ملكه منه والملك هنا صار لورثته وهذا لان الاقرار مخرج لبدل الكتابة من ملك ورثته بغير عوض وهو لا يملك ذلك بعد الردة والقبض مقرر حق ورثته في المقبوض فيمكن تنفيذ ذلك في حقهم فإن لم يقبض شيئا حتى لحق بدار الحرب فجعل القاضي ماله ميراثا لورثته فاخذوا المكاتبة ثم رجع مسلما فولاء العبد له لأنه يستحق الولاء بعقد الكتابة وإذا رجع مسلما فهو من أهل أن يثبت الولاء له عليه ألا ترى أنه لو
(٧٧)