في السوق ثم يشير إلى موضع ثقله وعياله ومتاعه فعرفنا أن السكنى بذلك بخلاف الدفيترات فان السكنى لا تتأتى بها مع أن من مشايخنا من يقول إذا كان يمينه على أن لا يسكن بلدة كذا فخرج منها بنفسه لم يحنث وان خلف ثقله بها وقد روى بعض ذلك عن محمد رحمه الله بخلاف السكنى في الدار فان من يكون في المصر في السوق يسمى ساكنا في الدار التي فيها ثقله ومتاعه وعياله فأما المقيم بأوزجند لا يسمى ساكنا ببخارى وإن كان بها عياله وثقله قال رضي الله عنه وهذه المسألة تنبنى على أصل في مسائل الايمان بيننا وبين الشافعي رحمه الله تعالى أن عنده العبرة بحقيقة اللفظ والعادة بخلافها لا تعتبر لان المجاز لا يعارض الحقيقة وعندنا العادة الظاهرة اصطلاح طارئ على حقيقة اللغة والحالف يريد ذلك ظاهرا فيحمل كلامه عليه ألا ترى أن المديون يقول لصاحب الدين والله لأجرينك على الشوك فيحمل على شدة المطل دون حقيقة اللفظ وكان مالك يقول ألفاظ اليمين محمولة على ألفاظ القرآن وهذا بعيد أيضا فان من حلف لا يستضئ بالسراج فاستضاء بالشمس لا يحنث والله تعالى سمى الشمس سراجا ومن حلف لا يجلس على البساط فجلس على الأرض لم يحنث والله تعالى سمى الأرض بساطا ولو حلف لا يمس وتدا فمس جبلا لا يحنث وقد سمى الله تعالى الجبال أوتادا فعرفنا أن الصحيح ما قلنا فان نقل بعض الأمتعة فالمروي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يحنث إذا ترك بعض أمتعته فيها لأنه كان ساكنا فيها بجميع الأمتعة فيبقي ذلك ببقاء بعض الأمتعة فيها وهو أصل لأبي حنيفة حتى جعل بقاء صفة السكون في العصير مانعا من أن يكون خمرا وبقاء مسلم واحد منا في بلدة ارتد أهلها مانعا من أن تصير دار حرب إلا أن مشايخنا رحمهم الله قالوا هذا إذا كان الباقي يتأنى بها السكنى اما ببقاء مكنسة أو وتد أو قطعة حصير فيها لا يبقى ساكنا فيها فلا يحنث وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى قريب من هذا قال إن بقي فيها ما يتأتى لمثله السكنى به يحنث وإلا فلا وعن محمد رحمه الله تعالى قال إن نقل إلى المسكن الثاني ما يتأتى له السكنى به لم يحنث لان بهذا صار ساكنا في المسكن الثاني فلا يبقى ساكنا في المسكن الأول ولو كان في طلب مسكن آخر فبقي في ذلك يوما أو أكثر لم يحنث في الصحيح من الجواب لأنه لا يمكنه طرح الأمتعة في السكة فيصير ذلك القدر مستثني (مستثنى) لما عرف من مقصوده إذا لم يفرط في الطلب وكذلك ان بقي في نقل الأمتعة أياما لكثرة أمتعته ولبعد المسافة ولم يستأجر لذلك جمالا بل جعل
(١٦٣)