المبسوط - السرخسي - ج ٨ - الصفحة ١٥٨
وقد حنث فيهما بايجاد الفعل مرة فيلزمه موجب كل واحد منهما فان حلف ليفعلن كذا إلى وقت كذا وذلك الشئ معصية يحق عليه أن لا يفعله لأنه منهى عن الاقدام على المعصية ولا يرتفع النهي بيمينه ولكن اليمين منعقدة فإذا ذهب الوقت قبل أن يفعله فقد تحقق الحنث فيها بفوت شرط البر فيلزمه الكفارة فإن لم يؤقت فيه وقتا وذلك الفعل مما يقدر على أن يأتي به كشرب الخمر والزنا ونحوه لم يحنث إلى أن يموت لان الحنث بفوت شرط البر وشرط البر بوجود ذلك الشئ منه في عمره فإذا مات قبل أن يفعله فقد تحقق الحنث بفوت شرط البر حين أشرف على الموت ووجبت عليه الكفارة فينبغي له أن يوصى بها لتقضى بعد موته كما ينبغي أن يوصي بسائر ما عليه من حقوق الله تعالى كالزكاة ونحوها وإذا حلف بايمان متصلة معطوفة بعضها على بعض واستثنى في آخرها كان ذلك استثناء جميعها لان الكلمات المعطوفة بعضها على بعض ككلام واحد فيؤثر الاستثناء في ابطالها كلها اعتبارا للايمان بالايقاعات وقيل هذا قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لان الاستثناء عندهما لابطال الكلام وحاجة اليمين الأولى كحاجة اليمين الثانية فأما عند أبي يوسف رحمه الله تعالى الاستثناء بمنزلة الشرط فإنما يتصرف إلى ما يليه خاصة كما لو ذكر شرطا آخر لان اليمين الأولى تامه بما ذكر لها من الشرط والجزاء فلا ينصرف الشرط المذكور آخرا إليها وقد بينا هذا في الجامع وكذلك لو قال إلا أن يبدو لي أو أرى غير ذلك أو إلا أن أرى خيرا من ذلك فهذا كله من ألفاظ الاستثناء وبه يخرج الكلام من أن يكون عزيمة وايجابا وان قال إلا أن لا أستطيع فهذا على ثلاثة أوجه فإن كان يعني ما سبق به من القضاء فهو موسع عليه ولا يلزمه الكفارة لان المنوي من محتملات لفظه فالمذهب عند أهل السنة ان كل شئ بقضاء وقدر وان الاستطاعة مع الفعل فإذا لم يفعل علمنا أن الاستطاعة التي قد استثنى بها لم توجد ولكن هذا في اليمين بالله فان موجبه الكفارة وذلك بينه وبين ربه فإن كانت اليمين بالطلاق أو العتاق فهو مدين فيما بينه وبين الله تعالى ولكن لا يدين في الحكم لان العادة الظاهرة أن الناس يريدون بهذه الاستطاعة ارتفاع الموانع فان الرجل يقول أنا مستطيع لكذا ولا أستطيع أن أفعل كذا على معنى أنه يمنعني مانع من ذلك قال الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا وفسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستطاعة بالزاد والراحلة فإذا كان الظاهر هذا والقاضي مأمور باتباع الظاهر لا يدينه في الحكم فإن كان يعني شيئا يعرض
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المكاتب 2
2 باب مالا يجوز من المكاتب 8
3 باب مكاتبة العبدين 13
4 باب مكاتبة المكاتب 20
5 باب كتابة العبد على نفسه وولده الصغار 23
6 باب مكاتبة الوصي 26
7 باب مكاتبة الأمة الحامل 28
8 باب مكاتبة الرجلين 32
9 باب مكاتبة الرجل شقصا من عبده 43
10 باب كتابة العبد المأذون 47
11 باب ميراث المكاتب 50
12 باب مكاتبة الصغير 52
13 باب مكاتبة عبده على نفسه 53
14 باب الكتابة على الحيوان وغيره 54
15 باب كتابه أهل الكفر 56
16 باب ضمان المكاتب 59
17 باب الاختلاف في المكاتب 64
18 باب مكاتبة المريض 67
19 باب الخيار في الكتابة 72
20 باب مكاتبة أم الولد والمدبر 74
21 باب دعوة المكاتب 74
22 باب كتابة المرتد 77
23 باب شركة المكاتب وشفعته 78
24 كتاب الولاء 81
25 باب جر الولاء 87
26 باب ولاء الموالاة 91
27 باب بيع الولاء 97
28 باب عتق الرجل عبده عن غيره 98
29 باب الشهادة في الولاء 100
30 باب ولاء المكاتب والصبي 107
31 باب الولاء الموقوف 110
32 باب آخر من الولاء 113
33 باب الاقرار في الولاء 119
34 باب عتق ما في البطن 121
35 كتاب الايمان 126
36 باب الإطعام في كفارة اليمين 149
37 باب الكسوة 153
38 باب الصيام 155
39 باب من الايمان 157
40 باب المساكنة 160
41 باب الدخول 168
42 باب الخروج 173
43 باب الاكل 175