يصرف الكل إلى مسكين واحد جملة وان قال طعام المساكين فله ذلك لان بهذا اللفظ يلتزم مقدارا من الطعام وباللفظ الأول يلتزم الفعل لان الاطعام فعل فلا يتأدى الا بأفعال عشرة ويعطى من الكفارة من له الدار والخادم لأنهما يزيدان في حاجته فالدار تسترم والخادم يستنفق وقد بينا انه يجوز صرف الزكاة إلى مثله فكذلك الكفارة وان أوصى بأن يكفر عنه يمينه بعد موته فهو من ثلثه لأنه لا يجب أداؤه بعد الموت الا بوصية ومحل الوصية الثلث ثم ذكر الاختلاف في مقدار الصاع وقد بيناه في صدقة الفطر والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب (باب الكسوة) (قال) رضى الله تعالى والكسوة ثوب لكل مسكين إزار أو رداء أو قميص أو قباء أو كساء هكذا نقل عن الزهري في قوله تعالى أو كسوتهم أنه الإزار فصاعدا من ثوب تام لكل مسكين وعن ابن عباس رضي الله عنه قال لكل مسكين ثوب ويعطى في الكسوة القباء والذي روى عن أبي موسى الأشعري أنه كان يعطى في كفارة اليمين لكل مسكين ثوبين فإنما يقصد التبرع بأحدهما فأما الواحد يتأدى به الواجب هكذا نقل عن مجاهد رحمه الله تعالى قال أدناه ثوب لكل مسكين وأعلاه ما شئت وهذا لان الكسوة ما يكون المرء به مكتسيا وبالثوب الواحد يكون مكتسيا حتى يجوز له أن يصلى في ثوب واحد وإذا كان في ثوب واحد فالناس يسمونه مكتسيا لا عاريا والمراد بالإزار الكبير الذي هو كالرداء فأما الصغير الذي لا يتم به ستر العورة لا يجزى ولو كسا كل مسكين سراويل ذكر في النوادر عن محمد رحمه الله تعالى أنه يجزئه لأنه يكون به مكتسيا شرعا حتى تجوز صلاته فيه وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يجزئه من الكسوة لأن لابس السراويل وحده يسمى عريانا لا مكتسيا إلا أن تبلغ قيمته قيمة الطعام فحينئذ يجزئه من الطعام إذا نواه ولو أعطى كل مسكين نصف ثوب لم يجزه من الكسوة لان الاكتساء به لا يحصل ولكنه يجزى من الطعام إذا كان نصف ثوب يساوى نصف صاع من حنطة ولو كسا كل مسكين قلنسوة أو أعطاه نعلين أو خفين لا يجزيه من الكسوة لان الاكتساء به لا يحصل وان أعطى كل واحد منهم عمامة فإن كان ذلك يبلغ قميصا أو رداء أجزأه والا لم يجزه من الكسوة لان العمامة كسوة
(١٥٣)