الذمة في الكفارة يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى خلافا لأبي يوسف والشافعي رحمهما الله تعالى وقد روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى الفرق بين المنذور والكفارة فقال إذا نذر اطعام عشرة مساكين فله أن يطعم فقراء أهل الذمة إنما ليس له أن يطعم في الكفارة فقراء أهل الذمة اعتبارا لما أوجب الله عليه من الكفارة بالزكاة وقد بينا أنه يجوز صرف الكفارة إلى من يجوز صرف الزكاة إليه ولو أطعم خمسة مساكين وكسا خمسة مساكين أجزأه ذلك من الطعام إن كان الطعام أرخص من الكسوة وان كانت الكسوة أرخص من الطعام لم يجزأ مالا يجزئ كل واحد منهما عن نفسه لان المنصوص عليه ثلاثة أنواع فلو جوزتا اطعام خمسة مساكين وكسوة خمسة مساكين كان نوعا رابعا فيكون زيادة على المنصوص وهذا بخلاف ما إذا أدى إلى كل مسكين مدا من حنطة ونصف صاع من شعير لان المقصود واحد وهو سد الجوعة فلا يصير نوعا رابعا فأما المقصود من الكسوة غير المقصود من الطعام ألا يرى أن الإباحة تجزى في أحدهما دون الآخر ولو جوزنا النصف من كل واحد منهما كان نوعا رابعا ثم مراده من هذه المسألة إذا أطعم خمسة مساكين بطريق الإباحة والتمكين دون التمليك فان التمليك فوق التمكين وإذا كان الطعام أرخص من الكسوة أمكن اكمال التمكين بالتمليك فتجوز الكسوة مكان الطعام وان كانت الكسوة أرخص لا يمكن إقامة الطعام مقام الكسوة لان التمكين دون التمليك وفى الكسوة التمليك معتبر فلا يمكن إقامة الكسوة مقام الطعام لأنه ليس فيهما وفاء بقيمة الطعام فأما إذا ملك الطعام خمسة مساكين وكسا خمسة مساكين فإنه يجوز على اعتبار انه إن كان الطعام أرخص تقام الكسوة مقام الطعام وان كانت الكسوة أرخص يقام الطعام مقام الكسوة لوجود التمليك فيها إليه أشار في باب الكسوة بعد هذا ولو أطعم خمسة مساكين ثم افتقر كان عليه أن يستقبل الصيام لان اكمال الأصل بالبدل غير ممكن فإنهما لا يجتمعان وليس له أن يسترد من المساكين الخمسة ما أعطاهم لأنها صدقة قد تمت بالوصول إلى يد المساكين ومن كانت له دار يسكنها أو ثوب يلبسه ولا يجد شيئا سوى ذلك أجزأه الصوم في الكفارة لان المسكن والثياب من أصول حوائجه وما لا بد منه فلا يصير به واجدا لما يكفر به بخلاف ما لو كان له عبد يخدمه فان ذلك ليس من أصول الحوائج ألا ترى ان كثيرا من الناس يتعيش من
(١٥١)