(باب مكاتبة الوصي) (قال) رضي الله عنه وللوصي أن يكاتب عبد اليتيم استحسانا وفى القياس لا يصح ذلك منه لأنه ارفاق للحال واعتاق باعتبار المآل وجه الاستحسان أن الوصي قائم مقام اليتيم فيما فيه النظر له والكتابة أنظر له من البيع لان بالبيع يزول ملكه عن العين قبل وصول البدل إليه وبالكتابة لا يزول ملكه عن العين الا بعد وصول المال إليه وتسقط نفقته عنه في الحال وإذا تعذر وصول المال إليه بعجزه تفسخ للكتابة فكان عبدا له على حاله فإذا ملك البيع ملك الكتابة بالطريق الأولى فان وهب المال له بعد الكتابة لم يجز لأنه تبرع بما لا يملكه فلا يصح من جهته ولا من جهة الصبي لأنه ليس بقائم مقامه في التبرع وان أقر بالقبض صدق لأنه المال وجب بعقده وهو يملك مباشرة قبضه فيصح اقراره بالقبض أيضا (فان قيل) فعلى قياس هذا ينبغي أن تصح هبته في حق المكاتب لما كان الوجوب بعقده كما لو باعه من انسان ثم أبرأ المشترى عن الثمن جاز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى (قلنا) لان في البيع هو كالعاقد لنفسه فيما هو من حقوق عقده ولهذا كان قبض الثمن إليه بعد بلوغ اليتيم فأما في الكتابة هو معبر عن اليتيم ولهذا لا يملك قبض البدل بعد بلوغ اليتيم فيكون هو بالهبة متبرعا بما لا يملكه ولان هبة البدل من المكاتب اعتاق له والوصي لا يملك الاعتاق فأما الاقرار بالقبض ليس باعتاق ولكنه إقرار بما يملك الانشاء فيه وان قال قد كنت كاتبته وأدى إلى لم يصدق لان الاقرار بالكتابة وقبض البدل اعتاق له (فان قيل) أليس انه يملك انشاء الكتابة واستيفاء البدل فينبغي أن يصح اقراره به (قلنا) إنما يملك الانشاء لأنه يدخل بتصرفه في ملك اليتيم ظاهرا مثل ما يخرجه عن ملكه وذلك لا يوجد في الاقرار (فان قيل) فكذلك إذا أقر باستيفاء البدل بعد ما باشر الكتابة (قلنا) هناك بمباشرة الكتابة يدخل في ملكه ظاهرا مثل ما يخرجه من ملكه ثم بالاقرار بالقبض ليس يخرج من ملكه شيئا إنما يقرر ملكه في البدل بقبضه ولو وكل الوصي بقبض بدل الكتابة جاز لأنه يملك مباشرة القبض بولايته فيصح توكيله به غيره كالأب فان كاتبه ثم أدرك اليتيم فلم يرض به فالكتابة ماضية لأنه تصرف نفذ من الوصي في حال قيام ولايته فلا يملك اليتيم ابطاله بعد البلوغ كالبيع وهذا لان فعله في حال
(٢٦)