بألف درهم وقيمتهما سواء فأدى أحدهما مائتي درهم ثم أعتقه المولى بعد ذلك فإنه يرجع بنصف ما أدى على صاحبه لأنه قبل العتق كان قد استوجب الرجوع على صاحبه بنصف ما أدى قل ذلك أو كثر فلا يبطل ذلك بعتقه لان عتقه مقرر لحقه لا مبطل له ثم يرفع عن الآخر نصف ما بقي من الكتابة اعتبارا للبعض بالكل وقد بينا أنه لو أعتق أحدهما في حال بقاء جميع الكتابة صار كالقابض للنصف أو كالمبرئ له عن النصف فكذلك في حق الباقي هنا وكذلك لو أعتق الذي لم يؤد لان أداء أحدهما كأدائهما فلا يختلف حكم عتقهما وأيهما عتق فإنه يؤخذ على حاله بمكاتبة صاحبه لأنه بمنزلة الكفيل عنه وقد صحت هذه الكفالة تبعا لعقد الكتابة حين كان مطالبا بجميع المال قبل عتق صاحبه فكذلك يبقى مطالبا بنصيب صاحبه بعد عتقه فإذا أدي رجع به عليه وليس من ضرورة امتناع صحة كفالته ابتداء بما يبقي على صاحبه بعد حريته امتناع بقاء ما كان ثابتا ألا ترى أن الإباق يمنع ابتداء البيع ولا يمنع بقاءه والعدة تمنع ابتداء النكاح ولا تمنع بقاءه والله سبحانه أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب (باب مكاتبة المكاتب) (قال) رضي الله عنه قد بينا ان للمكاتب ان يكاتب استحسانا فان أعتقه بعد الكتابة لم ينفذ عتقه كما قبله لأنه لا يملكه حقيقة وهو متبرع في اعتاقه وكذلك أن وهب له نصف المكاتبة أو كلها لأنه ابراء بطريق التبرع وكذلك لو قال المكاتب لعبده إذا أعطيتني ألف درهم فأنت حر فهذا باطل ولو أدى لم يعتق لان تعليق العتق بالشرط لا يصح ممن ليس باهل للتنجيز كالصبي وهذا بخلاف الكتابة لأنه عقد معاوضة بمنزلة البيع أو أنفع منه في حق المكاتب ولهذا احتمل الفسخ بالتراضي ولو اعتبر معنى التعليق فيه لم يحتمل الفسخ مكاتب كاتب جاريته ثم وطئها فعلقت منه فإن شاءت مضت على الكتابة لان الاستيلاد لا ينافي ابتداء الكتابة فكذلك بقاءها وإذا اختارت ذلك أخذت عقرها لان المكاتب فيما يلزمه من العقر بالوطئ كالحر وقد بينا أن الحر إذا وطئ مكاتبته يلزمه عقرها لأنها صارت أحق بنفسها فكذلك المكاتب وإن شاءت عجزت نفسها فتكون بمنزلة أم ولده لا يبيعها كما لو استولد المكاتب جاريته فان عجزت نفسها فأعتقها المولى لم يجز كما لو أعتق جارية من كسب مكاتبه بخلاف ما لو أعتق
(٢٠)