ما روى فليكفر يمينه وليأت الذي هو خير محمول على التقديم والتأخير وكذلك قوله ثم يأت بالذي هو خير لان ثم قد تكون بمعنى الواو قال الله تعالى ثم كان من الذين آمنوا أي وكان ثم الله شهيد أي والله شهيد وفيه دليل أن التوكيل بالتكفير جائز بخلاف ما يقوله بعض الناس أنه لا توكيل في العبادة أصلا لظاهر قوله تعالى وان ليس للانسان لا ما سعى ولكنا نقول المقصود فيما هو مالي الابتداء باخراج جزء من المال عن ملكه وذلك يتحقق بالنائب وفيه دليل أن الوظيفة لكل مسكين نصف صاع من حنطة أو صاع من تمر أو صاع من شعير وهكذا روى عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم وذكر بعده عن علي رضي الله عنه نصف صاع من حنطة وقد بينا هذه المسألة في كتاب الظهار وكفارة ليمين مثله وقد بينا ان دقيق الحنطة وسويقها بمنزلة الحنطة لان ما هو المقصود يحصل للفقير بهما مع سقوط مؤنة الطحن عنه وقد بينا ان طعام الإباحة تتأدى به الكفارة عندنا والمعتبر فيه أكلتان مشبعتان سواء كان خبز البر مع الطعام أو بغير أدام وان أعطى قيمة الطعام يجوز فكذلك في كفارة اليمين وكذلك أن غداهم وأعطاهم قيمة العشاء اعتبارا للبعض بالكل وهذا لان المقصود واحد وقد أتى من كل وظيفة بنصفه وان غداهم وعشاهم وفيهم صبي فطم أو فوق ذلك شيئا لم يجز لأنه لا يستوفى كمال الوظيفة كما يستوفيه البالغ وعليه طعام مسكين واحد مكانه فان أعطى عشرة مساكين كل مسكين مدا من حنطة فعليه ان يعيد عليهم مدا مدا وإن لم يقدر عليهم استقبل الطعام لان الواجب لا يتأدى الا بايصال وظيفة كاملة إلى كل مسكين وذلك نصف صاع من حنطة وذكر هشام عن محمد رحمهما الله أنه لو أوصى بأن يطعم عنه عشرة مساكين في كفارة يمينه فغدى الوصي عشرة مساكين ثم ماتوا قبل أن يعشيهم فعليه الاستقبال لان الوظيفة في طعام الإباحة الغداء والعشاء فلا يتأدى الواجب الا باتصال وظيفة كاملة إلى كل مسكين ولا يكون الوصي ضامنا لما أطعم لأنه فيما صنع كان ممتثلا لامره وكان بقاؤهم إلى أن يعشيهم ليس في وسعه ولو كان أوصى بأن يطعم عنه عشرة مساكين غداء وعشاء ولم يذكر الكفارة فغدى الوصي عشرة فماتوا فإنه يعشى عشرة أخرى ويكفي ذلك لان الموصى به أكلتان فقط دون اسقاط الكفارة بهما وقد وجد بخلاف الأول ثم قد بينا في باب الظهار أن المسكين الواحد في الأيام المتفرقة كالمساكين عندنا وعند تفريق الدفعات في يوم واحد فيه اختلاف بين المشايخ فكذلك في اليمين وبينا هناك أن اطعام فقراء أهل
(١٥٠)