لأنه عتق ثلثا رقبته بالتدبير والوصية كانت له بما هو حق المولى فلهذا يسقط ثلث المكاتبة ويبقى للورثة ثلثا المكاتبة عليهما يأخذون بذلك أيهما شاؤوا فان أدى المدبر رجع على الآخر بثلاثة أرباع ذلك مقدار حصته وهو خمسمائة وان أدى المكاتب رجع على المدبر بربع ذلك وهو مقدار ما بقي من حصته وإذا كان المكاتب بين اثنين فدبره أحدهما فاختار المكاتب أن يسعى فهو على حاله وسعايته لان التدبير لا ينافي الكتابة ابتداء وبقاء والمدبر غير مفسد على شريكه شيئا ما بقيت الكتابة فان عجز فالذي لم يدبر بالخيار لان عمل تدبيره في الافساد قد ظهر بعد العجز فكان حكم هذا كحكم عبد بين اثنين دبره أحدهما وقد بيناه رجل قال لأمتين إذا ملكتكما فأنتما حرتان بعد موتى فاشترى إحداهما فولدت عنده ثم اشترى الأخرى فقد صارتا مدبرتين لان الشرط ملكهما فإنما تم عند شراء الثانية وولد الأولى رقيق يباع لأنه انفصل عنها قبل ثبوت حكم التدبير فيها فان المتعلق بالشرط لا يصل إلى المحل الا بعد وجود كمال الشرط (قال) وإذا أسلم مدبر ذمي قضى عليه بالسعاية في قيمته وعند الشافعي رحمه الله تعالى يجبر على بيعه لان المدبر عنده محل للبيع وعندنا هو كأم الولد وقد بينا هذا الحكم في أم الولد فان أدى السعاية عتق وان مات المولى قبل أن يؤدي وهو يخرج من ثلثه عتق بالتدبير وسقطت عنه السعاية لحصول المقصود بدونه وكذلك أن صالحه المولى على قيمته من غير محاكمة فهذا واستسعاء القاضي سواء لان السبب الموجب للاستسعاء قائم بعد عجزه إلا أنه إن كان في مال الصلح فضل على قيمته يبطل القاضي ذلك الفضل عنه إذا عجز ويجبره على أن يسعى في قيمته (قال) وإذا دبر الحربي عبده في دار الحرب فهو باطل كما لو أعتقه في دار الحرب لان ثبوت حق العتق بالتدبير من أحكام الاسلام وأحكام الاسلام لا تجرى عليهم في دار الحرب فان خرجا بأمان فأسلم العبد أجبر على بيعه لان تدبيره في دار الحرب كان لغوا وان دبره بعد ما خرجا بأمان فتدبيره جائز لان حكم الاسلام يجرى عليهما في دارنا فيما يرجع إلى المعاملات فان أسلم هذا المدبر قضى عليه بالسعاية في قيمته لان ملك المستأمن محترم بالأمان وبيعه بسبب التدبير متعذر فان لحق المولى بدار الحرب وهو يسعى ثم قتل المولى أو ظهر على الدار أو أسر عتق العبد وبطلت عنه السعاية اما إذا قتل المولى فلوجود شرط العتق بالتدبير وان أسر فلان ملكه عنه قد بطل لان الرقيق ليس من أهل ملك المال والمدبر ليس يحتمل النقل من ملك إلي ملك والمملوك
(٢٠٠)