متى زال عن ملك المولى لا إلى أحد كان حرا وان ظهر على الدار لم يبق لملكه حرمة والسعاية كانت لحرمة ملكه فإذا لم يبق ذلك عتق وبطلت عنه السعاية (قال) ولو كان خرج بأم ولد له ثم أسلمت قضى عليها بالسعاية لان الاستيلاد في دار الحرب صحيح تبعا للنسب فان قضى عليها بالسعاية ثم أسلم المولى فان أدت السعاية عتقت وان عجزت ردت أم ولد له لان المانع من استدامة ملكه فيها قد ارتفع باسلامه فلو أسلمت وباعها من نفسها بمال قليل أو كثير جاز وكانت حرة بالقبول والمال دين عليها وان مات المولى قبل أن يسلم أو بعد ما أسلم فالمال دين عليها على حاله لأنها عتقت بالقبول فموت المولى وحياته بعد ذلك سواء (قال) وإذا دبر المرتد عبده فهو موقوف في قول أبي حنيفة رحمه الله كسائر تصرفاته فان مات أو قتل أو لحق بدار الحرب فتدبيره باطل والعبد رقيق للورثة وان أسلم ورجع إلى دارنا ووجد العبد في يد الورثة فأخذ فهو مدبر على حاله لأنه يعود إلى قديم ملكه بالأخذ فينفذ ذلك التدبير منه بمنزلة ما لو أسلم قبل اللحاق بالدار لان التدبير في حقه كان صحيحا لأنه بالردة لم يخرج من أن يكون مخاطبا وأصل ملكه باق بعد الردة وإنما كان التوقف لحق الورثة وقد سقط حقهم حين عاد مسلما وكذلك أن كان القاضي قضى به للورثة وباعوه فبيعهم جائز لان التدبير كان صحيحا في حقه فإنه كان مالكا له يومئذ فمتى حصل الملك له بأي وجه حصل كان مدبرا وان استولد في ردته فهي أم ولد له وان أسلم أو قتل أو لحق بدار الحرب لان ثبوت أمية الولد لها باعتبار نسب الولد ولا حجر على المرتد عن ذلك لأنه لاحق للورثة فيه ولان ملكه في كسبه أظهر من ملك الأب في مال ولده فإذا كان يصح الاستيلاد من الأب فمن المرتد لان يصح أولى وعلي قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى التدبير منه صحيح كالاستيلاد فإذا لحق بدار الحرب أعتقه القاضي من ثلثه كما يعتق المدبر الذي دبره في حال اسلامه بناء على مذهبهما في نفوذ تصرفات المرتد وتمام بيانه في السير (قال) وإذا دبر المسلم عبده ثم ارتد العبد ولحق بدار الحرب أو اشتراه أهل الحرب فأصابه المسلمون فأسلم رد إلى مولاه مدبرا على حاله لأنه ثبت فيه حق الحرية بالتدبير فلا يبطل بردته ولحاقه كما لا تبطل حقيقة العتق والمدبر ليس بمحل للتملك بالاستيلاد فلم يملكه أهل الحرب ولا المسلمون للولاء المستحق عليه لمولاه ولهذا رد إلى مولاه مدبرا على حاله والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب
(٢٠١)