المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ١٩٥
وسقطت عنه المكاتبة لوقوع الاستغناء له عن أداء المال وهو بمنزلة ما لو أعتق المولى مكاتبه وإن لم يكن له مال غيره فإنما يعتق ثلثه بالتدبير ثم لا يسقط عنه شئ من بدل الكتابة في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله يسقط عنه ثلث الكتابة لأنه عتق ثلثه بالتدبير ولو عتق كله سقط عنه جميع بدل الكتابة فكذلك إذا عتق ثلثه يسقط عنه ثلث بدل الكتابة اعتبارا للجزء بالكل قياسا على ما إذا كاتبه أو لاثم دبره ثم مات ولا مال له سواه فإنه يسقط عنه ثلث بدل الكتابة لما عتق عليه ثلثه بالتدبير فكذلك إذا سبق التدبير الكتابة ولا معني لقول من يقول إن المستحق بالتدبير لا يرد عليه عقد الكتابة لأنه لو أدى جميع بدل الكتابة في حياته يعتق كله ولو كان المستحق بالتدبير لم يرد عليه الكتابة لما عتق بالأداء ولان استحقاق المدبر ثلثه بالتدبير كاستحقاق أم الولد جميعها بالاستيلاد ثم لو كاتب أم ولده صحت الكتابة ووجب المال فعرفنا أن هذا الاستحقاق لا يمنع ورود عقد الكتابة عليه ولأبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى طريقان أحدهما أن بدل الكتابة بمقابلة ما وراء المستحق بالتدبير لان موجب الكتابة ثبوت ما لم يكن ثابتا في المكاتب والبدل بمقابلة ذلك لا بمقابلة ما هو ثابت وقد بينا ان التدبير يوجب استحقاق شئ له فلا يتصور استحقاق ذلك بالكتابة ليكون البدل بمقابلته بل بمقابلة ما وراء ذلك بمنزلة ما لو طلق امرأته اثنين ثم طلقها ثلاثا بألف كان الألف كلها بإزاء التطليقة الثالثة ألا ترى أنه لو استحق جميع نفسه بالتدبير بأن خرج من الثلث بطلت الكتابة وكذلك في أم الولد إذا مات المولى حتى تقرر استحقاقها في جميع نفسها بطلت الكتابة فاما قبل الموت الكتابة صحيحة لان الاستحقاق غير متقرر لجواز أن يموتا قبل المولى وإذا ثبت أن بدل الكتابة بمقابلة ما وراء المستحق بالتدبير وشئ من ذلك لم يسلم للعبد بموت المولى فلا يسقط شئ عنه من بدل الكتابة وهذا بخلاف ما لو كاتبه أو لا ثم دبره لان بدل الكتابة هناك بمقابلة جميع الرقبة فإنه لم يكن مستحقا لشئ من رقبته عند الكتابة فإذا عتق بعض الرقبة بعد ذلك بالتدبير سقط حصته من بدل الكتابة والطريق الآخر ان التدبير الآخر وصية بالرقبة له والوصية بالعين لا تنفذ من مال آخر بحال كما لو أوصى بعبده لإنسان ثم باعه أو قتل لا تنفذ الوصية من قيمته ولا من ثمنه فلو أسقطنا شيئا من بدل الكتابة كان فيه تنفيذ وصيته من غير ما أوصى له به وذلك لا يجوز بخلاف ما لو كاتبه أولا ثم دبره لان عند التدبير هناك
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست