المبسوط - السرخسي - ج ٧ - الصفحة ٢٠٨
لفوات شرطه وهو أصل لنا فأما بعد القبض فقد قامت الدلالة لنا على تمام الصفقة بالقبض وبعد تمام الصفقة لا ينفرد بالفسخ لحاجته إلى نقض القبض التام ونقل الضمان إلى البائع ثم اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في المكاتب إذا مات وترك وفاء بمكاتبته قال على وابن مسعود رضي الله عنهما يؤدى كتابته ويحكم بحريته حتى يكون ما بقي ميراثا لورثته وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله تعالى وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه تنفسخ الكتابة بموته والمال كله للمولى وبه أخذ الشافعي رحمه الله تعالى واحتج فيه وقال المعقود عليه فات بموته قبل سلامته وذلك موجب انفساخ العقد كهلاك البيع قبل القبض وهذا لان المعقود عليه هو الرقبة فان العقد يضاف إليه والدليل عليه أن عند فساد العقد يرجع إلى قيمة الرقبة والرجوع عند فساد العقد إلى قيمة المعقود عليه ولأنه لو بقي لبقي ليعتق بوصول بدل الكتابة إلى المولى والميت ليس بمحل للعتق ابتداء لما في العتق من احداث قوة المالكية وذلك لا يتصور في الميت ولا يجوز أن يستند العتق إلى حال حياته لان المتعلق بالشرط لا يسبق الشرط وفي اسناده إلى حال حياته اثبات العتق قبل وجود الشرط وهو الأداء وهذا بخلاف ما إذا مات المولى لان المولى ليس بمعقود عليه بل هو عاقد والعقد يبطل بهلاك المعقود عليه لا بموت العاقد ولأنه لو بقي العقد بعد موت المولى يعتق بالأداء إلى الورثة وصار المولى معتقا له ويجوز أن يكون الميت معتقا ولا يجوز أن يكون معتقا ألا ترى أنه لو قال لعبده أنت حر بعد موتي كان صحيحا ولو قال بعد موتك كان لغوا وكذلك لو أوصى بأن يعتق عبده بعد موته كان صحيحا فإذا أعتق كان المولى هو المعتق حتى يكون الولاء له والفقه في الكل أنه يبقى ملكه بعد موته حكما لحاجته كما في القدر المشغول بالدين فإذا بقي ملكه صار معتقا ولكن لا يجوز أن يبقى مملوكا بعد موته حكما لان ابقاء المالكية لمعنى الكرامة وليس في ابقاء المملوكية بعد الموت معنى الكرامة له وإذا لم تبق المملوكية لا يتصور أن يكون معتقا بعد موته (وحجتنا) فيه أنه عقد معاوضة لا ينفسخ بموت أحد المتعاقدين فلا ينفسخ بموت الآخر كعقد البيع وهذا لان قضية مطلق المعاوضة التسوية بين المتعاقدين والخصم لا ينازع في هذا ولكنه يدعى أن في موت المكاتب فوات المعقود عليه وليس كذلك فان المعقود عليه ما يسلم للعاقد بمطلق العقد والرقبة لا تسلم له بمطلق العقد إنما السالم له مالكية اليد وهو المعقود عليه وقد سلم بنفس العقد وإضافة العقد إلى الرقبة لا يدل على أن المعقود
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست