للارفاق ينبغي أن يستحق ما هو محض الارفاق وهو حط بعض البدل (وحجتنا) فيه أن العقد يوجب البدل فلا يجوز أن يكون موجبا لاسقاط البدل إذا الشئ لا يتضمن ضده والقياس لنا فإنه عقد معاوضة فلا يستحق به حط شئ من البدل كسائر المعاوضات إذ يعتبر أحد العوضين بالآخر فالمراد بالآية الندب دون الحتم فإنه معطوف على الامر المذكور في قوله فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا فذلك ندب وليس بحتم إذا لا يجب عليه ان يكاتب عبده وان علم أن فيه خيرا فكذلك قوله وأتوهم لان حكم المعطوف حكم المعطوف عليه وذكر الكلبي ان المراد به دفع الصدقة إلى المكاتبين فيكون هذا خطابا للناس بصرف الصدقة إلى المكاتبين ليستعينوا بذلك على أداء المكاتبة كما قال في بيان مصارف الصدقات وفي الرقاب والمراد المكاتبون والدليل عليه أنه قال من مال الله والمال المضاف إلى الله تعالى مطلقا هو الصدقة ثم ذكر عن ابن عمر رضي الله عنه ان مكاتبا له عجز فكسر مكاتبته فرده في الرق ففي هذا دليل على أن الكتابة تحتمل الفسخ وفيه دليل على أن المكاتب إذا كسر نجما فللمولى ان يفسخ الكتابة ويرده في الرق وهو قول أبي حنيفة ومحمد لأنه قد تغير عليه شرط عقده وذلك يثبت للعاقد حق الفسخ في العقود المحتملة للفسخ وقال أبو يوسف رحمه الله لا يرد في الرق ما لم يكسر نجمين وهو قول علي رضي الله عنه قال إذا اجتمع على المكاتب نجمان فدخلا رد في الرق وكان هذا استحسان من أبى يوسف رحمه الله تعالى لأن العقد مبني على الارفاق وفى رده في الرق عند كسره نجما واحدا تضييق عليه فلمعنى التوسع والارفاق شرط أن يتوالى عليه نجمان وقد روى عن أبي يوسف رحمه الله قال هذا إذا كانت النجوم مستوية فإن كانت متفاوتة فكسر نجما واحدا يرد في الرق لأنه لما عجز عن أداء الأقل فالظاهر أنه عن أداء عن الأكثر أعجز وفي حديث على وابن عمر رضي الله عنهم دليل على أن للمولى أن يفسخ الكتابة عند عجز المكاتب من غير أن يحتاج فيه إلى المرافعة إلى القاضي فيكون حجة على ابن أبي ليلى لأنه يقول لا يرد في الرق الا بقضاء القاضي فان العجز لا يتحقق بدون القضاء فان المال غاد ورائح وجعل هذا العجز نظير عجز العنين عن الوصول إلى امرأته ثم الفرقة هناك لا تكون الا بقضاء القاضي ولكنا نقول العقد تم بتراضيهما والمولى ما رضى بلزوم هذا العقد الا بشرط فإذا فات عليه ذلك الشرط يتمكن من فسخه لانعدام رضاه به بخلاف النكاح فإنه لا يعتمد تمام الرضا وبخلاف الرد بالعيب قبل القبض لان المشترى ينفرد بالرد بالعيب قبل القبض
(٢٠٧)