المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٢٢١
الأقرب صغيرا أو مجنونا لأنه لا ولاية له عليها والا بعد محجوب بولاية الأقرب الا بالغيبة وزفر رحمه الله تعالى يقول الا بعد يزوجها لبقاء ولاية الأقرب وكذلك السلطان لا يزوجها لأن ولاية السلطان متأخرة عن ولاية الا بعد فإذا لم تثبت الولاية للأبعد هنا فالسلطان أولى بخلاف ما إذا عضلها لان هناك هو ظالم في الامتناع من ايفاء حق مستحق عليه فيقوم السلطان مقامه في دفع الظلم لأنه نصب لذلك وهنا الأقرب غير ظالم في سفره خصوصا إذا سافر للحج وهو غير ممتنع من ايفاء حق مستحق عليه ليقوم السلطان مقامه في الايفاء فيتأخر إلى حضوره وحجتنا في ذلك أن ثبوت الولاية لمعنى النظر للمولى عليه حتى لا يثبت الا على من هو عاجز عن النظر لنفسه وجعل الأقرب مقدما لان نظره لها أكثر لزيادة القرب ثم النظر لها لا يحصل بمجرد رأى الأقرب بل رأى حاضر منتفع به وقد خرج رأيه من أن يكون منتفعا به في هذه الحال بهذه الغيبة فالتحق بمن لا رأى له أصلا كالصغير والمجنون ورأي الا بعد خلف عن رأي الأقرب وفى ثبوت الحكم للخلف لا فرق بين انعدام الأصل وبين كونه غير منتفع به ألا ترى أن التراب لما كان خلفا عن الماء في حكم الطهارة فمع وجود الماء النجس يكون التراب خلفا كما أن عند عدم الماء يكون التراب خلفا لأن الماء النجس غير منتفع به في حكم الطهارة فهو كالمعدوم أصلا ونظيره الحضانة والتربية يقدم فيه الأقرب فإذا تزوجت الأقرب حتى اشتغلت بزوجها كانت الولاية للأبعد وكذلك النفقة في مال الأقرب فإذا انقطع ذلك ببعد ماله وجبت النفقة في مال الا بعد فأما إذا زوجها الأقرب حيث هو فإنما يجوز لأنها انتفعت برأيه ولكن هذه المنفعة حصلت لها اتفاقا فلا يجوز بناء الحكم عليه فلهذا تثبت الولاية للأبعد توضيحه أن للأبعد قرب التدبير وبعد القرابة وللأقرب قرب القرابة وبعد التدبير وثبوت الولاية بهما جميعا فاستويا من هذا الوجه فكانا بمنزلة وليين في درجة واحدة فأيهما زوجها يجوز والولاية إنما تثبت للقاضي عند الحاجة ولا حاجة إلى ذلك لما ثبتت الولاية للأبعد بالطريق الذي قلنا ثم تكلموا في حد الغيبة المنقطعة فكان أبو عصمة سعد بن معاذ رحمه الله تعالى يقول أدنى مدة السفر تكفى لذلك وهو ثلاثة أيام ولياليها لأنه ليس لاقصى مدة السفر نهاية فيعتبر الأدنى واليه يشير في الكتاب فيقول أرأيت لو كان في السواد ونحوه أما كان يستطلع رأيه فهذا دليل على أنه إذا جاوز السواد تثبت للأبعد وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى فيه
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست