المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٢١٧
الغلام وثبوت خيار البلوغ لنقصان شفقة الولي وذلك موجود في حق الغلام والجارية ولان في تزويج الغلام المولى ينظر له لا لنفسه وفى تزويج الأمة ينظر لنفسه باكتساب المهر واسقاط النفقة عن نفسه فلهذا اختلفا في حكم الخيار وهنا لا يختلف معنى نظر الولي بالغلام والجارية فلهذا يثبت الخيار في الموضعين جميعا ولا يقال بأن الغلام هنا يتمكن من التخلص بالطلاق كما في المعتق لأنه لا يتمكن من التخلص عن المهر بالطلاق ولم يكن متمكنا من التخلص عند العقد بخلاف العبد فإنه كان عند العقد متمكنا من التخلص بالطلاق ووجوب المهر يومئذ كان في مالية المولى وباعتباره ملك المولى اجباره على النكاح فلهذا فرقنا بينهما (والرابع) ان المعتقة إذا علمت بالعتق ولم تعلم أن لها الخيار لا يسقط خيارها حتى تعلم به والتي بلغت إذا لم تعلم بالخيار وعلمت بالنكاح فسكتت سقط خيارها لان سبب الخيار في العتق وهو زيادة الملك حكم لا يعلمه الا الخواص من الناس فتعذر بالجهل وقد كانت مشغولة بخدمة المولى فعذرناها لذلك اما خيار البلوغ فظاهر يعرفه كل واحد ولظهوره ظن بعض الناس انه يثبت في أنكاح الأب أيضا فهذا لا تعذر بالجهل ولأنها ما كانت مشغولة بشئ قبل البلوغ فكان سبيلها ان تتعلم ما تحتاج إليه بعد البلوغ فلهذا لا تعذر بالجهل (قال) فان اختار الصغير أو الصغيرة الفرقة بعد البلوغ فلم يفرق القاضي بينهما حتى مات أحدهما توارثا لان أصل النكاح كان صحيحا والفرقة لا تقع الا بقضاء القاضي فإذا مات أحدهما قبل القضاء كان انتهاء النكاح بينهما بالموت فيتوارثان بمنزلة ما لو وجد الاعتراض بعدم الكفاءة فمات أحدهما قبل قضاء القاضي وباعتبار هذا المعنى نقول يحل للزوج ان يطأها ما لم يفرق القاضي بينهما لان أصل النكاح كان صحيحا بخلاف النكاح الفاسد فان أصل الملك لم يكن ثابتا فلا يثبت حل الوطئ والتوارث (قال) وإذا مات زوج الصغيرة عنها بعد ما دخل بها أو طلقها وانقضت عدتها كأن لأبيها ان يزوجها عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى ليس للأب ان يزوج الثيب الصغيرة حتى تبلغ فيشاورها لقوله صلى الله عليه وسلم والثيب تشاور فقد علق هذا الحكم باسم مشتق من معنى وهو الثيوبة فكان ذلك المعنى هو المعتبر في اثبات هذا الحكم كالزنا والسرقة لايجاب الحد وقد قال صلى الله عليه وسلم الأيم أحق بنفسها من وليها والمراد بالأيم الثيب ألا ترى أنه قابلها بالبكر فقال البكر تستأمر في نفسها والمعنى فيه أنها ثيب ترجى مشورتها إلى وقت معلوم فلا يزوجها وليها بدون رضاها
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست