المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٢١٨
كالنائمة والمغمى عليها وتأثير هذا الوصف أن في الثيوبة معنى الاختبار وممارسة الرجال وفى النكاح في جانب النساء معنيان معنى الضرر باثبات الملك عليها ومعنى المنفعة بقضاء شهوتها فمن ترجح معنى قضاء الشهوة في جانبها تختار الزوج ومن ترجح معنى ضرر الملك تختار التأيم وإنما تتمكن من التمييز بالتجربة لان لذة الجماع بالوصف لا تصير معلومة والتجربة إنما تحصل بالثيوبة فكانت صفة الثيوبة في حقها نظير البلوغ في حق الغلام وفى حق التصرف في المال ولهذا تزول ولاية الافتيات عليها بالثيوبة لان فيه تفويت ما يحدث لها في التأني من الرأي وهذا بخلاف المجنونة لان الجنون لا يفقد شهوة الجماع ولو لم يزوجها وليها كان فيه اضرار بها في الحال والصغر يفقد شهوة الجماع فلا يكون في تأخير العقد إلا أن تبلغ معنى الاضرار بها ولأنه ليس لزوال الجنون غاية معلومة ولا يدرى أيفيق أم لا وفى تأخير العقد لا إلى وقت معلوم ابطال حقها فأما الصغر لزواله غاية معلومة فلا يكون في تأخير العقد إلى بلوغها ابطال حقها وحجتنا في ذلك أنه ولى من لا يلي نفسه وماله فيستبد بالعقد عليها كالبكر وتأثيره أن الشرع باعتبار صغرها أقام رأى الولي مقام رأيها كما في حق الغلام وكما في حق المال وبالثيوبة لا يزول الصغر وكذلك معنى الرأي لا يحصل لها بالثيوبة في حالة الصغر لأنها ما نضت شهوتها بهذا الفعل ولو ثبت لها رأى فهي عاجزة عن التصرف بحكم الرأي فيقام رأى الولي مقام رأيها كما أنها لما كان عاجزة عن التصرف في ملكها أقيم تصرف الولي مقام تصرفها والمراد بالحديث البالغة لأنه علق به مالا يتحقق الا بعد البلوغ وهو المشاورة وكونها أحق بنفسها وذلك أنما يتحقق في البالغة دون الصغيرة ولئن ثبت ان الصغيرة مراد فالمراد المشورة على سبيل الندب دون الحتم كما أمر باستئمار أمهات البنات فقال وتؤامر النساء في ابضاع بناتهن وكان بطريق الندب فهذا مثله وكما يجوز للأب عندنا تزويج الثيب الصغيرة فكذلك يجوز لغير الأب والجد وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز لمعنيين أحدهما انها يتيمة والثاني انها ثيب (قال) وإذا اجتمع في الصغيرة أخوان لأب وأم فأيهما زوجها جاز عندنا ومن العلماء رحمهم الله تعالى من يقول لا يجوز ما لم يجتمعا عليه لان هذا قام مقام الأب فيشترط اجتماعهما لنفوذ العقد كالموليين في حق العبد أو الأمة أو المعتقة ولكنا نستدل بقوله صلى الله عليه وسلم إذا أنكح الوليان فالأول أحق وفى هذا تنصيص على أن كل واحد منهما ينفرد بالعقد والمعنى فيه أن سبب الولاية هو القرابة وهو غير محتمل للوصف بالتجزي والحكم
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست