المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٩٥
بنت أختها ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفي ما في صحفتها فان الله تعالى هو رازقها وهذا الحديث يرويه رجلان من الصحابة رضي الله عنهم ابن عباس وجابر رضي الله عنهما وهو مشهور بلغة العماء بالمقبول والعمل به ومثله حجة يجوز به الزيادة على كتاب الله تعالى عندنا وفيه دليل على حرمة نكاح المرأة على عمتها وخالتها لان هذا النهى بصيغة الخير وهذا أبلغ ما يكون من النهى كما أن الامر قد يكون بصيغة الخبر قال الله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن الآية وقال الله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن والنهي يقتضى التحريم ثم ذكر هذا النهى من الجانبين اما للمبالغة في بيان التحريم أو لإزالة الاشكال فربما يظن ظان ان نكاح بنت الأخ على العمة لا يجوز ونكاح العمة علي بنت الأخ يجوز لتفضيل العمة كما لا يجوز نكاح الأمة على الحرة ويجوز نكاح الحرة على الأمة فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبوت هذه الحرمة من الجانبين وقوله لا تسأل المرأة طلاق أختها نهى بصيغة الخبر وله تأويلان إما أن يكون المراد به الأخت دينا بأن تكون امرأتان تحت رجل وهو يحسن إليهما فتجئ إلى الزوج إحداهما وتقول طلق صاحبتي ليتحول نصيبها إلى وهذا منهي عنه لأنه سبب للتحاسد والتنافر وقال صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا أو يكون المراد به الأخت نسبا بأن تأتي المرأة إلى زوج أختها وتقول فارقها وتزوجني فانى أوفق لك وهذا منهى عنه لأنه سبب لقطيعة الرحم بينهما وقطيعة الرحم من الملاعن واليه أشار صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات فقال إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامهن ومعنى قوله لتكفئ ما في صحيفتها أي لتحول نصيبها إلى نفسها وروى لتكفئ وكلاهما لغة يقال كفأت القدر وأكفأتها إذا أملتها وأرقت ما فيها وفي بعض الروايات لتكف ما في صحفتها ومعناه لتقنع بما آتاها الله فان الله تعالى هو رامقها والصحفة عبارة عن الحظ والنصيب وقد اشتمل الحديث على الحتم والوعظ والندب فان قوله فان الله هو رازقها وعظ وقوله لا تسأل ندب لأنها لو فعلت ذلك جاز ولكن لا ينبغي لها أن تفعله وقوله لا تنكح المرأة على عمتها حتم حتى إذا فعل ذلك لم يجز انكاح عندنا وقال عثمان البتي رحمه الله تعالى يجوز في غير الأختين لان المحرم بالنص الجمع بين الأختين وهذا ناسخ لما يتلى في قوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلك ونسخ الكتاب بخبر الواحد لا يجوز ولكنا نقول الحديث صحيح مقبول والعمل به واجب فلكونه مشهورا نقول يجوز نسخ
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست