المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٨٤
الأولى ولكنه طاف لها شوطا ثم أحرم بالثانية يرفض الثانية لان الأولى قد تأكدت لما طاف لها فتعينت الثانية للرفض وكذا هذا في حجتين (قال) وإذا أهل بحجتين معا ثم جامع قبل أن يسير فعليه للجماع دمان في قول أبي حنيفة لان من أصله أنه لا يصير رافضا لأحدهما ما لم يأخذ في عمل الأخرى وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى عليه دم واحد للجماع لأنه كما فرغ من الاحرامين صار رافضا لأحدهما فجماعه جناية على احرام واحد وإن كان ذلك الجماع منه بعد ما سار فعليه دم واحد لأنه صار رافضا لأحدهما حين سار إلى مكة فجماعه جناية على احرام واحد ثم ما يلزمه بالرفض وبالافساد من القضاء والدم قد بيناه فيما سبق فان أحرم لا ينوى شيئا فطاف ثلاثة أشواط ثم أهل بعمرة فإنه يرفض هذه الثانية لان الأولى قد تعينت عمرة حين أخذ في الطواف لما بينا ان الابهام لا يبقى بعد الشروع في الأداء بل يبقى ما هو المتيقن وهو العمرة فحين أهل بعمرة أخرى فقد صار جامعا بين عمرتين فلهذا يرفض الثانية (قال) وإذا كان للكوفي أهل بالكوفة وأهل بمكة يقيم عند هؤلاء سنة وعند هؤلاء سنة فاعتمر في أشهر الحج وحج من عامه لم يكن متمتعا لأنه ملم بين النسكين بأهله الماما صحيحا فإن لم يكن له أهل بمكة واعتمر من الكوفة في أشهر الحج وقضى عمرته ثم خرج إلى مصر ليس فيه أهله ثم حج من عامه ذلك كان متمتعا ما لم يرجع إلى المصر الذي كان فيه أهله ثم قال بلغنا ذلك عن عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب رضي الله عنهما وإبراهيم رحمه الله تعالى وقد بينا ان الطحاوي رحمه الله تعالى ذكر في هذا الفصل خلافا بين أبي حنيفة وصاحبيه رحمهما الله تعالى وهو الصحيح ان عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يكون متمتعا وحديث زيد الثقفي رضي الله عنه انه سأل ابن عباس رضي الله عنهما فقال أتينا عمارا فقضيناها ثم زرنا القبر ثم حججنا فقال أنتم متمتعون والأصل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى انه ما لم يصل إلى أهله فهو متمتع كمن لم يجاوز الميقات وعندهما من خرج من الميقات فهو كمن وصل إلى أهله في أنه لا يكون متمتعا بعد ذلك فإن كان له بالكوفة أهل وبالبصرة أهل فرجع إلى أهله بالبصرة ثم حج من عامه ذلك لم يكن متمتعا لأنه ألم بأهله بين النسكين حلالا (قال) وان اعتمر الكوفي في أشهر الحج وساق هديا للمتعة وهو يريد الحج فطاف لعمرته ولم يحلق ثم رجع إلى أهله ثم حج كان متمتعا في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى ولم يكن متمتعا في قول محمد رحمه الله تعالى إذا كان
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست