المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٩٣
صلى الله عليه وسلم بهم كما قال تناكحوا تناسلوا تكثروا فانى مباه بكم الأمم يوم القيامة وسببه تعلق البقاء المقدور به إلى وقته فان الله تعالى حكم ببقاء العالم إلى قيام الساعة وبالتناسل يكون هذا البقاء وهذا التناسل عادة لا يكون الا بين الذكور والإناث ولا يحصل ذلك بينهما الا بالوطئ فجعل الشرع طريق ذلك الوطئ النكاح لان في التغالب فسادا وفى الاقدام بغير ملك اشتباه الأنساب وهو سبب لضياع النسل لما بالإناث من نبي آدم من العجز عن التكسب والانفاق على الأولاد فتعين الملك طريقا له حتى يعرف من يكون منه الولد فيوجب عليه نفقته لئلا يضيع وهذا الملك على ما عليه أصل حال الآدمي من الحرية لا يثبت الا بطريق النكاح فهذا معنى قولنا إنه تعلق به البقاء المقدور به إلى وقته ثم هذا العقد مسنون مستحب في قول جمهور العلماء رحمهم الله تعالى وعند أصحاب الظواهر واجب لظاهر الامر به في الكتاب والسنة ولما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعكاف بن خالد ألك امرأة فقال لا فقال صلى الله عليه وسلم تزوج فإنك من اخوان الشياطين وفى رواية ان كنت من رهبان النصارى فالحق بهم وإن كنت منا فتزوج فان المهاجر من أمتي من مات وله زوجة أو زوجتان أو ثلاث زوجات ولان التحرز من الزنا فرض ولا يتوصل إليه الا بالنكاح ومالا يتوصل إلى الفرض الا به يكون فرضا وحجتنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أركان الدين من الفرائض وبين الواجبات ولم يذكر من جملتها النكاح وقد كان في الصحابة رضي الله عنهم من لم يتزوج ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك والصحابة رضي الله عنهم فتحوا البلاد ونقلوا ما جل ودق من الفرائض ولم يذكروا من جملتها النكاح وكما يتوصل بالنكاح إلى التحرز عن الزنا يتوصل بالصوم إليه قال صلى الله عليه وسلم يا معشر الشبان عليكم بالنكاح فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء وتأويل ما روى في حق من تتوق نفسه إلى النساء على وجه لا يصبر عنهن وبه نقول إذا كان بهذه الصفة لا يسعه ترك النكاح فاما إذا لم يكن بهذه الصفة فالنكاح سنة له قال صلى الله عليه وسلم ثلاث من سنن المرسلين النكاح والتعطر وحسن الخلق وقال صلى الله عليه وسلم النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني أي ليس على طريقتي ولهذا قال علماؤنا رحمهم الله تعالى النكاح أفضل من التخلي لعبادة الله في النوافل وقال الشافعي رحمه الله تعالى التخلي لعبادة الله تعالى أفضل الا ان تتوق نفسه إلى النساء ولا يجد الصبر على التخلي لعبادة الله واستدل
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست