وسلم اغتسلت من اناء فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ منه فقالت إني كنت جنبا فقال عليه الصلاة والسلام الماء لا يجنب والذي روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة والمرأة بفضل وضوء الرجل شاذ فيما تعم به البلوى فلا يكون حجة (وإذا نسي المضمضة والاستنشاق في الجنابة حتى صلى لم يجزه) وهو عندنا فان المضمضة والاستنشاق فرضان في الجنابة سنتان في الوضوء. وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه سنتان فيهما وقال أهل الحديث فرضان فيهما ومنهم من أوجب الاستنشاق دون المضمضة واستدلوا بمواظبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها في الوضوء ولكنا نقول كان يواظب في العبادات على ما فيه تحصيل الكمال كما يواظب على الأركان وفي كتاب الله تعالى أمر بتطهير أعضاء مخصوصة والزيادة على النص لا تجوز الا بما يثبت به النسخ وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الاعرابي الوضوء ولم يذكرهما فيه. والشافعي رحمه الله تعالى استدل بقوله تعالى وان كنتم جنبا فاطهروا والأطهار امرار الطهور على الظواهر من البدن والفم في حكم الباطن بدليل أن الصائم إذا ابتلع بزاقه لم يضره وبدليل الوضوء فالفم والأنف موضعهما الوجه والغسل فرض فيهما. وبدليل غسل الميت فإنه ليس فيه مضمضة ولا استنشاق وإمامنا في المسألة ابن عباس رضي الله عنهما فإنه قال هما فرضان في الجنابة سنتان في الوضوء وقال صلى الله عليه وسلم تحت كل شعرة جنابة ألا فبلوا الشعر وأنقوا البشرة وفى الفم بشرة. قال ابن الاعرابي البشرة الجلدة التي تقى اللحم من الأذى وقال صلى الله عليه وسلم من ترك موضع شعرة في الجنابة عذبه الله بالنار كذا قال على رضى الله تعالى عنه فمن ثم عاديت شعري وفي الانف شعرات والمعنى ان للفم حكمين حكم الظاهر من وجه حتى إذا أخذ الصائم الماء بفيه لم يضره وحكم الباطن من وجه كما قال ففيما يعم جميع الظاهر ألحقناه بالظاهر وفيما يخص بعضه ألحقناه بالباطن لأنه لما جعل بعض ما هو ظاهر من كل وجه عفوا فما هو باطن من وجه أولى ولان الجنابة تحل الفم والأنف بدليل أن الجنب ممنوع عن قراءة القرآن والحدث لا يحلهما بدليل أن المحدث لا يمنع من قراءة القرآن وفي غسل الميت سقوط المضمضة والاستنشاق للتعذر لأنه لا يمكنه كبه حتى يخرج الماء من فيه وبدونه يكون سقيا لا مضمضة. إذا ثبت هذا فنقول في كل موضع ترك شيئا من الفرائض لم يصح شروعه في الصلاة حتى إذا قهقه لا يلزمه إعادة الوضوء
(٦٢)