لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بسؤر بعير أو شاة وقال ما يؤكل لحمه فسؤره طاهر ما خلا الدجاجة المخلاة فان سؤرها مكروه لأنها تفتش الجيف والأقذار فمنقارها لا يخلو عن النجاسة ولكن مع هذا لو توضأ به جاز لأنه على يقين من طهارة منقارها وفى شك من النجاسة والشك لا يعارض اليقين فإن كانت الدجاجة محبوسة فسؤرها طاهر لان منقارها عظم جاف ليس بنجس ولان عينها طاهر مأكول فكذلك ما يتحلب منه والذي روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كأن يقول بحرمة الدجاجة شاذ غير معمول به فقد صح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل لحم الدجاجة. وصفة المحبوسة أن لا يصل منقارها إلى ما تحت قدميها فإنه إذا كان يصل ربما تفتش ما يكون منها فهي والمخلاة سواء والذي بينا في سؤر هؤلاء فكذلك في اللعاب والعرق إذا أصاب لعاب ما يؤكل لحمه أو عرقه ثوب انسان تجوز الصلاة فيه لان ذلك متحلب من عينه فكان طاهرا كلبنه * قال (ولا يصح التطهر بسؤر ما لا يؤكل لحمه من الدواب والسباع ولعابه يفسد الماء * وهنا مسائل) إحداها سؤر الخنزير فإنه نجس بالاتفاق لان عينه نجس قال الله تعالى أو لحم خنزير فإنه رجس والرجس والنجس سواء (والثانية) سؤر الكلب فإنه نجس الا على قول مالك رحمه الله بناء على مذهبه في تناول لحمه. وكأن يقول الامر بغسل الاناء من ولوغ الكلب كان تعبدا لا للنجاسة كما أمر المحدث بغسل أعضائه تعبدا أو كان ذلك عقوبة عليهم والكلاب فيهم كانت تؤذى الغرباء فنهوا عن اقتنائها وأمروا بغسل الاناء من ولوغها عقوبة عليهم (ولنا) حديث عطاء بن ميناء عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله ثلاثا. وفى بعض الروايات قال سبعا وتعفر الثامنة بالتراب فقوله طهور اناء أحدكم دليل على تنجس الاناء بولوغه وان الامر بالغسل للتنجيس لا للتعبد فان الجمادات لا يلحقها حكم العبادات والزيادة في العدد والتعفير بالتراب دليل على غلظ النجاسة والصحيح من المذهب عندنا ان عين الكلب نجس واليه يشير محمد رحمه الله في الكتاب في قوله وليس الميت بأنجس من الكلب والخنزير. وبعض مشايخنا يقول عين الكلب ليس بنجس ويستدلون عليه بطهارة جلده بالدباغ وسنقرره من بعد وأما سؤر مالا يؤكل لحمه من السباع كالأسد والفهد والنمر عندنا نجس. وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه طاهر لحديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أن
(٤٨)