قوله: (لا حيوان وعقار) أي وسفينة واقفة في المرسى فإذا ادعى ضياع ذلك الذي لا يغاب عليه أو تلفه أو رده فإنه يصدق ولا ضمان عليه ومحل تصديقه في دعوى الرد ما لم يكن قبضه ببينة للتوثق وإلا فلا يصدق كما في ح. واعلم أن مثل الرهن في التفرقة بين ما يغاب عليه وما لا يغاب عليه باب العواري وضمان الصناع والمبيع بخيار ونفقة المضمون إذا دفعت للحاضن والصداق إذا دفع للمرأة وحصل فسخ أو طلاق قبل الدخول وما بيد الورثة إذا طرأ دين أو وارث آخر والمشتري من غاصب ولم يعلم بغصبه والسلعة المحبوسة للثمن أو للاشهاد. قوله: (لأن الضمان الخ) علة لمحذوف أي فإن شهدت بينة بتلفه أو هلاكه بغير سببه فلا ضمان عليه لأن الضمان هنا ضمان تهمة وهي تنتفي بإقامة البينة.
قوله: (والتهمة موجودة) أي ولان التهمة موجودة عند عدم البينة والأولى حذف هذا التعليل والاقتصار على ما قبله لان هذا إنما يصلح علة لاشتراط عدم البينة لا لاشتراط عدم الضمان فتأمل. قوله: (القائل بعدم الضامن عند الشرط) قال اللخمي ونحوه للمازري إنما يحسن خلاف الشيخين في الرهن المشترط في عقد البيع والقرض، وأما في رهن متطوع به فلا يحسن الخلاف لان تطوعه بالرهن معروف وإسقاط الضمان معروف ثان فهو إحسان على إحسان فلا وجه لعدم اعتباره قال شيخنا العدوي وهذا التقييد معمول به. قوله: (أو علم الخ) هذا داخل في حيز المبالغة على الضمان لاحتمال كذبه خلافا لمن قال أنه إذا علم احتراق محله المعتاد فإنه لا ضمان عليه ولو لم يأت ببعضه فيه الحرق. قوله: (وادعى حرقه) أي وادعى أنه كان به وأنه حرق مع متاعه. قوله: (إلا ببقاء بعضه محرقا) قيل الأولى غير محرق إذ البعض المحرق لا يبقى وإنما الذي يبقى البعض غير المحرق وأجيب بأن المحرق يطلق على ما أذهبته النار بالكلية وعلى ما بقيت آثارها فيه ولم تذهبه بالكلية فأطلقه المصنف أولا في قوله بكحرقه بالمعنى الأول وأطلقه ثانيا في قوله إلا ببقاء بعضه محرقا بالمعنى الثاني على طريق شبه الاستخدام. واعلم أن الرهن إن كان متحدا كفى الاتيان ببعض منه محرقا وإن كان متعددا فلا بد من الاتيان ببعض كل واحد من محرقا. قوله: (فلا ضمان) أي فلا يبرئه من الضمان إلا مجموع شيئين الاتيان ببعضه محرقا وعلم احتراق محله وأما إن أتى ببعضه محرقا ولم يعلم احتراق محله أو علم احتراق محله ولم يأت بعضه محرقا فالضمان ثابت على المرتهن، وزاد ابن المواز قيدا ثالثا. وهو أن يعلم أن النار التي أحرقت المحل ليست من سببه فإن جهل كونها بسبه أولا فالضمان عليه وهذا التقييد معتبر فلا وجه لاهمال المصنف له. قوله: (أي أفتى الامام الباجي) أي لما احترقت أسواق طرطوشة وهو وجيه قال بن. وبذلك جرى العمل عندنا ونقل في التوضيح مثل فتوى الباجي عن المازري ونصه وذكر المازري أنه نزل عندهم سنة ست وثمانين وأربعمائة لما فتح الروم زويلة والمهدية ونهبوا الأموال وكثرت الخصومات مع المرتهنين والصناع وفي البلد مشايخ من أهل العلم متوافرون فأفتى بعضهم بتكليف المرتهن والصناع البينة أن ما عنده قد أخذه الروم وأفتيت بتصديقهم وكان القاضي حينئذ يعتمد فتواي فتوقف لكثرة من خالفني حتى شهد عنده عدلان أن شيخ الجماعة السيوري أفتى بما أفتيت به ثم قدم علينا كتاب المنتقى فذكر