من بيع منعت المقاصة فيهما مطلقا لضع وتعجل أو حط الضمان وأزيدك وإن كانا من قرض منعت المقاصة فيهما أيضا إلا أن يكون الأجود أقرب لضع وتعجل أو لسلف جر نفعا وإن كان أحدهما من بيع والآخر من قرض منعت المقاصة أيضا إلا أن يكون الأجود من بيع أقرب أو حالا. باب في الرهن قوله: (في الرهن) أي في ذكر حقيقته وقوله وما يتعلق به أي من المسائل. قوله: (اللزوم والحبس) قال تعالى: * (كل نفس بما كسبت رهينة) *، أي محبوسة. قوله: (كما قال) أي ابن عرفة واعترضه الوانوغي بأنه لا يشمل من الرهن إلا ما هو مقبوض فظاهره أن غير المقبوض لا يسمى رهنا وليس كذلك إذ لا خلاف في المذهب أن القبض ليس من حقيقة الرهن ولا شرطا في صحته ولا لزومه بل ينعقد ويصح ويلزم بمجرد القول ثم يطلب المرتهن الاقباض. قال ابن الحاجب يصح الرهن قبل القبض ولا يتم إلا به فأنت ترى القبض والاقباض متأخرين عن الرهن والمتأخر عن الشئ غيره ضرورة أنه ليس عينا وهذا الاعتراض يتوجه على المصنف أيضا، ويمكن الجواب بأنه ليس المراد بالاعطاء في كلام المصنف والقبض في كلام ابن عرفة الاعطاء أو القبض الحسي بل المعنوي وذلك يحصل بالعقد أي الايجاب والقبول فتأمل. قوله: (وعرفه المصنف بالمعنى المصدري) أي بناء على الاستعمال القليل وأما ابن عرفة فعرفه بالمعنى الاسمي بناء على الاستعمال الكثير. قوله: (من له البيع) أي من فيه أهلية البيع صحة وهو المميز ولزوما وهو المكلف الرشيد فمن يصح بيعه يصح رهنه ومن لا يصح بيعه لا يصح رهنه فلا يصح من مجنون ولا من صبي لا ميز له ويصح من المميز والسفيه والعبد ويتوقف على إجازة وليهم أي إن اشترط في صلب عقد البيع أو القرض، وإلا فهو تبرع باطل كما قال شيخنا ويلزم من المكلف الرشيد كالبيع. فإن قلت: المريض يصح بيعه دون رهنه فلا يتم ما قاله المصنف. قلت: ما قاله المصنف محمول على ما في الوثائق المجموعة من جواز بيع المريض ورهنه فلا بحث حينئذ لكن ما في الوثائق من الجواز محمول على رهن في معاملة جديدة ومحل المنع في كلامهم في دين سابق على مرضه.
قوله: (فيجوز من المدين وغيره) أي فيجوز رهنه للمدين ولغيره فمن بمعنى اللام، فالأول كما لو كان لي دراهم دينا على زيد وله على طعام أو عرض دينا فأجعل الدين الذي على رهنا في الدين الذي عليه، والثاني كما لو كان لي دين على زيد وزيد له دين على عمرو فيرهنني زيد دينه الذي على عمرو في ديني الذي عليه بأن يدفع لي وثيقة الدين الذي له على عمرو حتى يقضيني ديني. قوله: (في الأصل) مراد به شرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني. وحاصل ما في المسألة من التفصيل أنه في القسم الأول وهو رهن الدين للمدين لا بد في صحة الرهن سواء كان الدينان من بيع أو من قرض أن يكون أجل الدين الرهن مثل أجل الدين الذي فيه ارهن أو يكون أبعد منه فإن كان أجل الدين الرهن أقرب أو كان الدين الرهن حالا منع الرهن لأدائه لا سلفني وأسلفك إن كان الدينان من قرض ولأدائه لاجتماع بيع وسلف إن كانا من بيع وذلك لان دين الرهن إذا كان أقرب أجلا بقاؤه بعد حلوله عند المدين حتى يحل الدين المرهون فيه يعد سلفا، وكذلك إذا كان الرهن حالا فبقاؤه عند المدين إلى حلول أجل المؤجل يعد سلفا وهو مصاحب للبيع أو القرض، وأما في القسم الثاني وهو رهن الدين لغير المدين فالشرط في صحته قبضه بالاشهاد على حوزه ودفع الوثيقة للمرتهن وأما الجمع بين من عليه الدين والمرتهن فشرط كمال هذا هو الصواب.
قوله: (أي ذا غرر) أي لان الآبق مثلا إذا كان رهنا كان ذا غرر لأنه يحتمل وجوده وقت الرهن وعدمه وعلى الأول يحتمل القبض عليه وعدمه وليس العبد نفس الغرر. قوله: (ولو اشترط في العقد) أي هذا إذا لم يشترط رهنه في صلب العقد بأن وقع الرهن تطوعا بل ولو اشترط رهنه في حال عقد البيع