يشير ما دون الدرهم يعفى عنه على المشهور والدرهم وما فوقه لا يعفى عنه اتفاقا لأنه يقول اليسير قدر رأس الخنصر والدرهم كثير. والثالثة ما رواه ابن زياد وقاله ابن عبد الحكم واقتصر عليه في الارشاد أن الدرهم من حيز اليسير وهذا هو الراجح، وهذا كله من دم غير أثر دمل، وأما أثره فيعفى عنه مطلقا قل أو كثر إذا لم ينك فإن نكى عفى عما قل فقط كما يأتي. قوله: (لا ما فوق الدرهم ولو أثرا) أي خلافا للباجي القائل: إن الأثر معفو عنه مطلقا ولو فوق درهم فهو قول ضعيف قوله: (وقيح وصديد) أي وعفى عن دون الدرهم من قيح وصديد، وأما ما خرج من نفط الجسد من حر أو نار فلا شك في نجاسته لكنه كأثر الدمل يعفى عن كثيره وقليله إذا لم ينك فإن نكى كان الخارج حكمه حكم الدم فيعفى عن الدرهم فدون لا ما زاد على ذلك، وتخصيص المصنف هذه الثلاثة بالذكر مشعر بعدم العفو عن قليل غيرها من بول أو غائط أو مني أو مذي وهو المشهور والمعروف، لا ما نقل عن مالك من اغتفار مثل رؤوس الإبر من البول، وإنما اختص العفو بالدم وما معه لان الانسان لا يخلو عنه لان بدن الانسان كالقربة المملوءة بالدم والقيح والصديد فالاحتراز عن يسيرها عسر دون غيرها من النجاسات، نعم ألحق بعضهم بالمعفوات المذكورة ما يغلب على الظن من بول الطرقات إذا لم يتبين فلا يجب غسله من ثوب أو جسد أو خف مثل أن تزل الرجل من النعل وهي مبلولة فيصيبها من الغبار ما يغلب على الظن مخالطة البول له إذ لا يمكن التحرز منه، ولان غبار الطريق الأصل فيه الطهارة فيعفى عنه وإن كان الغالب النجاسة قوله: (ولا مفهوم لهذه القيود) أي الأربعة وهي بول وفرس وغاز وأرض حرب لان المدار على مشقة الاحتراز. وحاصل الفقه أن كل من له معاناة للدواب يعفى عما أصابه من بولها وأرواثها سواء كان في الحضر أو في السفر كان بأرض الحرب أو بأرض المسلمين هذا حاصله. واعلم أن ما ذكره الشارح من أن الروث كالبول في كونه معفو عنه هو ما في المنتقى ونقله أيضا عج عن بعضهم وإن كان الواقع في كلامهم التعبير بالبول كعبارة المصنف. قوله: (والراعي) أي والحمار والخادم قوله: (فلا يعتبر اجتهاد) أي تحفظ بل العفو مطلقا تحفظ من ذلك أم لا لتحقق الضرورة حينئذ (قوله وأثر ذباب) أي صغير ومثله ما لا يمكن الاحتراز منه كبعوض ونمل صغير، وأما أثر فم ورجل الذباب والنمل الكبير فلا يعفى عنه لان وقوع ذلك على الانسان نادر قوله: (حل عليها) أي حل الذباب على العذرة ثم حل على الثوب أو الجسد قوله: (حيث زاد إلخ) أي المصيب أي حيث كان المصيب زائدا على أثر إلخ قوله: (وموضع حجامة) أي أنه يعفى عن أثر دم موضع الحجامة أو الفصادة إذا كان ذلك الموضع مسح عنه الدم لتضرره أي المحتجم من وصول الماء لذلك المحل ويستمر العفو إلى أن يبرأ ذلك الموضع، ثم إن محل العفو إذا كان أثر الدم الخارج أكثر من درهم وإلا فلا يعتبر في العفو مسح (قوله مسح) الجملة صفة لموضع ومثل موضع الحجامة موضع الفصادة أو قطع عرق قوله: (أي ما بين الشرطات معها) أي لا الشرطات فقط قوله: (على ما مر) أي من الخلاف في إزالة النجاسة (قوله وإلا يغسل وصلى) أي وإلا بان برئ ولم يغسل الموضع وصلى قوله: (بالنسيان) أي بما إذا صلى بعد البرء ناسيا للغسل، وهذا التأويل لأبي محمد بن أبي زيد وابن يونس قوله: (فالعامد يعيد أبدا) أي لان محل العفو عن الأثر قبل البرء وقد ذهب عدم البرء بوجود البرء وحينئذ فلا وجه للعفو (قوله وبالاطلاق) هذا تأويل أبي عمران الفاسي. قوله: (ليسارة الدم) أي ليسارة أثر الدم أي أن كونه أثرا لا عينا هو يسير في نفسه كذا يفهم من بن ونص عبارته قوله ليسارة الدم ليس المراد أنه دون درهم بل المراد أنه لكونه أثرا لا عينا هو يسير في نفسه، وقوله: ومراعاة لمن لا يأمره
(٧٣)