له ثقب كما تقدم. الخامس في وجود الخنثى. أما الواضح فموجود بلا خلاف. واختلف في وجود الخنثى المشكل فالجمهور على إمكان وجوده ووقوعه، وعلى ذلك بنى أهل الفرائض والفقهاء مسائل هذا الباب، وذهب الحسن البصري من التابعين والقاضي إسماعيل من المالكية إلى أنه لا يوجد خنثى مشكل. قال الحسن: لم يكن الله عز وجل يضيق على عبد من عبيده حتى لا يدري أذكر هو أم أنثى. وقال القاضي إسماعيل: لا بد له من علامة تزيل إشكاله.
السادس في أن الخنثى المشكل خلق ثالث مغاير للذكر والأنثى أو هو أحدهما لكن أشكل علينا، واستدل على ذلك بقوله: * (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى) * فلو كان هناك خلق ثالث لذكره لان الآية سيقت للإمتنان. قال العقباني: ولقائل أن يقول: إن الآية إنما سيقت للرد على الزاعمين أن لله تعالى ولدا، فمنهم من زعم أن له ولدا ذكرا، ومنهم من زعم أن له بنات، فرد الله عليهم بأنه خلق النوعين فكيف يكون له منهما ولد وهو الخالق لهما؟ ولم يزعم أحد أن له ولدا خنثى فلم يحتج في الرد عليهم إلى ذكر الخنثى. واستدل أيضا بقوله:
* (وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) * وبقوله: * (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور) * قالوا: فلو كان هناك خلق ثالث لذكره انتهى. والجواب الواضح هو ما يأتي في السابع من أن الجمهور على أن الخنثى من أحد الصنفين ولكن خفيت علينا علامته فتأمله. وخرج العقباني في شرح الحوفي من القول بأنه لا ميراث له إنه صنف ثالث قال: إذ لو كان لا يخلو عن أن يكون ذكرا أو أنثى لما حرمه الميراث، ولو لم يكن إلا أقل الميراثين لأنه مقطوع باستحقاقه غير أن هذا القول نقل ابن حزم الاجماع على خلافه وظاهر كلام الأئمة أنه ليس خلقا ثالثا انتهى.
السابع: في ذكر أول من حكم فيه في الجاهلية والاسلام. قال عبد الحق في تهذيب الطالب عن بعض شيوخه في النكاح الثاني منه ونقله ابن عرفة: إن أول من حكم فيه عامر بن الظرب في الجاهلية نزلت به قضيته فسهر ليلته فقالت له خادمه سخيلة راعية غنمه: ما أسهرك يا سيدي؟ قال: لا تسألي عما لا علم لك به، ليس هذا من رعى الغنم. فذهبت ثم عادت أو عادت السؤال فأعاد جوابه فراجعته وقالت: لعل عندي مخرجا فأخبرها بما نزل به من أمر الخنثى فقالت: أتبع الحكم المال ففرح وزال غمه. زاد المتيطي: وكان الحكم إليه في الجاهلية فاحتكموا إليه في ميراث خنثى فلما أخبرته بذلك حكم به. الجوهري: والظرب بالظاء المعجمة وكسر الراء واحد الظراب وهي الروابض الصغار منه عامر بن الظرب العدواني أحد فرسان العرب وعبد الحق وغيره، ثم حكم به في الاسلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه. انتهى باختصار. ابن عرفة: ويريد بما ذكر عن الجوهري أن الظرب بالظاء لا بالضاد كما يقوله ويكتبه كثير من الناس. وقوله: أحد فرسان العرب كذا في بعض نسخ الصحاح، وفي بعض النسخ الصحيحة المقروءة على أئمة اللغة أحد حكام العرب ولفظ عبد الحق في التهذيب بعد ذكر