بالمعروف ثم تقضي ديونه ثم وصاياه من ثلث الباقي ثم الباقي لوارثه) ش: هذا الباب يسمى باب الفرائض. فقوله باب أي هذا باب يذكر فيه الفرائض وهو الفقه المتعلق بالإرث، وعلم ما يوصل لمعرفة قدر ما يجب لكل ذي حق في التركة، فحقيقته مركبة من الفقه المتعلق بالإرث، ومن الحساب الذي يتوصل به إلى معرفته قدر ما يجب لكل وارث. وبدأ أولا ببيان الحقوق المتعلقة بالتركة ونهايتها خمسة كما ذكره. وطريق حصرها إما بالاستقراء وهو الظاهر، أو بغيره وفي ذلك طريقان: أحدهما أن يقال: الحق المتعلق بالتركة إما ثابت قبل الموت أو بالموت. والثابت قبله إما أن يتعلق بالعين أولا. الأول هو الحقوق المعينة وإليه أشار بقوله: حق تعلق بعين، والثاني الدين المطلق وإليه أشار بقوله: ثم تقضى ديونه. والثابت بالموت إما للميت وهو مؤن تجهيزه، أو لغيره وهو الوصية وإليه أشار بقوله: وصاياه أو هو الميراث وإليه أشار بقوله ثم الباقي لوارثه. والطريق الثاني أن يقال: الحق إما للميت أو عليه أو لا له ولا عليه. الأول مؤن التجهيز، والثاني إما أن يتعلق بالذمة فقط وهو الدين المطلق، أو لا وهو المتعلق بعين التركة. والثالث إما اختياري وهو الوصية، أو اضطراري وهو الميراث. وذكر المصنف هذه الحقوق مرتبة فكل واحد مقدم على ما بعده. وقوله: يخرج من تركة الميت حق تعلق بعين أي بعين من التركة أو بهما جميعا. والتركة بفتح التاء وكسر الراء ويجوز تسكين الراء مع فتح التاء وكسرها وهو بمعنى المتروك كالطلبة بمعنى المطلوب. وتركة الميت تراثه وهو الميراث.
وضبطه بعضهم بأنه حق قابل للتجزي ثبت لمستحق بعد موت من كان له لوجود قرابة بينهما أو ما في معناها. والمراد بالعين الذات، ثم مثل للحق المتعلق بالعين بقوله: كالمرهون يعني إذا حيز قبل موت الراهن الحوز الشرعي المتقدم في باب الرهن، وبقوله: وعبد جنى جناية أي جناية توجب مالا كالخطأ والعمد إذا عفى الولي على مال واستهلك، مالا لشخص لم يأتمنه عليه، فلو اجتمع في الجاني رهن وجناية قدم المجني عليه لانحصار حقه في عين الجاني فيخير الورثة بين أن يفدوه أو يسلموه، فإن فدوه بقي رهنا، وإن أسلموه خير المرتهن بين أن يسلمه للمجني عليه ويبقى دينه بلا رهن، أو يفديه بأرش الجناية. ثم إذا حل الدين بيع ويبدأ بما فداه به المرتهن، فإن لم تف قيمته بما فداه لم يتبع الورثة بشئ، وإن فضل منها شئ أخذ من دينه وما فضل بعد ذلك فللورثة.
واعلم أن الذي يخرج من التركة قبل وقوع المواريث فيها ينقسم على قسمين: أحدهما ما يجب إخراجه من رأس المال. والثاني ما يجب إخراجه من الثلث، وما يجب إخراجه من