لا اختلاف بينهم فيه، وإنما اختلفوا في الوصيين أو الأوصياء هل لأحدهم أن يوصي بما إليه لشريكه ولغيره أم ليس له ذلك، أوله أن يوصي به لشريكه لا إلى غيره؟ ثلاثة أقوال. قال:
والأول هو أصح الأقوال وأولاها بالصواب انتهى. فقوله إنما يجوز للوصي إلى آخره معناه يجوز له أن يوكل على ما فوض إليه في حياته وعند موته. وقال ابن رشد في شرح المسألة العاشرة من رسم الوصايا من سماع أشهب من كتاب الوصايا: للوصي أن يوصي بما أوصى به إليه في حياته وبعد وفاته لا خلاف أحفظه في ذلك انتهى. وفي ابن سلمون ناقلا عن مسائل ابن الحاج قال: إذا أراد الوصي أن يتبرأ من الايصاء إلى رجل آخر بعد أن ألزمه، فليس له ذلك إلا لعذر بين وله فعل ذلك عند حضور موته لأنه من أبين العذر. وحكى الباجي في وثائقه أن له أن يوكل غيره في حياته وبعد مماته، ولا يجوز لوكيل القاضي على النظر لليتيم أن يوكل بما جعل إليه أحدا غيره حيي أو مات، ولا أن يوصي به إلى أحد انتهى.
ونقل البرزلي كلام الباجي ونصه: ولا يجوز لمقدم القاضي توكيل أحد بما جعل إليه والوصية به لا في حياته ولا عند موته انتهى. قال في مختصر المتيطية: وللوصي أن يوصي عند الموت بما جعل إليه إلى من شاء إن كان منفردا بالنظر، ويكون وصي الوصي كالوصي. وإن أراد الوصي في حياته أن يجعل ما بيده إلى غيره لم يكن له ذلك، وإنما له أن يوكل من ينظر بأمره. قال ابن العطار وغيره. وقال ابن زرب: له ذلك. قيل: فإن أراد أن يعود في نظره؟ قال : ليس له ذلك لأنه قد تخلى عنه اه. وفي مسائل الوصايا من البرزلي: وسأل ابن دحون ابن زرب عن الوصي يتخلى عن النظر إلى رجل آخر قال: ذلك جائز ويتنزل منزلته. قيل له: فلو أراد العود في نظره؟ قال: ليس له ذلك وقد تخلى منه إلى الذي وكل انتهى. وفي المتيطية:
وإذا قبلها في مرض الموت الذي توفي منه أو بعد موته وتولى النظر، ثم أراد أن يتخلى، فليس ذلك له إلا أن يخليه شريكه في النظر إن كان معه شريك وكان في الوصية أن من عاقه عائق فالباقي منفرد، فإن لم يكن في الوصية هذا الشرط فإن القاضي يخليه ويقدم غيره إن كان منفردا وكان معه غيره ولم يكن في الوصية هذا الشرط إذا ظهر له عذر ووجد من يقوم مقامه، وإن لم ينعقد عليه التزام في مرض الموصي ولا نظر بعد موته وأبى النظر فلا يجبر على النظر.
قال في أحكام ابن بطال: وإن أنكر القبول حلف على ذلك وبرئ انتهى. وظاهر كلام المصنف أيضا أنه ليس له أن يعزل نفسه ولا للقاضي أن يخليه بعد الموت والقبول، سواء في حياة الموصي أو بعد موته، وهو ظاهر كلام ابن الحاجب قال: وليس له رجوع بعد الموت والقبول على الأصح. قال في التوضيح: ظاهره سواء قبل في حياة الموصي أو بعد موته. ونص في المدونة على الأول، وأشهب على الثاني. قال: وسواء قبل لفظا أو جاء منه ما يدل على ذلك من البيع والشراء لهم ما يصلحهم والاقتضاء والقضاء أو غير ذلك. قال ابن عبد السلام:
وقال بعضهم: لا فرق بين قبوله بعد الموت وقبله لان له الرجوع. وأخذ من تعليل أشهب