بلوغه انتهى. ثم قال في آخر الوصايا الأول في ترجمة الوصي يقتضي عن الموصي الدين بغير بينة: ومن المجموعة قال أشهب: وللوصي أن يقضي الدين عن الميت بغير أمر. قال: إن من كان فيه بينة عدول والثقة له أن لا يدفع إلا بأمر قاض لأنه لو بلغ بعض الورثة فجرح شهود الدين لضمن أخذت ممن قبضها، ولو كان بأمر قاض لم يرد ولم يقبل تجريحهم لأنه حكم نفذ. وإن دفع الوصي إلى الغريم ثم قام آخرون فأثبتوا دينهم وجرحوا بينة الأول فالوصي ضامن ويرجع على الأول بما أخذ أو يغرمه القائمون أو يدعوا الوصي ثم لا يرجع الأول على الوصي بشئ، ولو دفع إليه بقضية لم يضمن للقائمين بعده ورجعوا على الأول بحصتهم، وكذلك قال ابن القاسم: إن كان الوصي عالما بغرماء الميت أو كان موصوفا بالدين فيضمن لمن أتى ويرجع على من أخذ، وأما إن لم يعلم ولم يكن الميت موصوفا بالدين لم يرجعوا إلا على من أخذ، وقال في قضاء الورثة بعض الغرماء كما قال في الوصي. وقال في الصبي وقال مثله عبد الملك إذا تأنوا ولم يعجلوا وبعد الصياح في الدين وفعلوا ما كان يفعله السلطان فلا يضمنوا. وأما إن عجلوا ضمنوا، فإن لم يكن عندهم شئ رجع الطارئ على الأول. قال أشهب في الوصيين يدفعان دينا بشهادتهما أو الوارثين ثم يطرأ دين آخر أو وارث ثم يقدم، فإن دفعا بأمر قاض لم يضمنوا ويرجع على الأول، وإنما تقبل شهادتهما قبل أن يدفعا، وأما بعد الدفع فإن كان بغير أمر قاض فيضمنان انتهى. ص: (والنفقة على الطفل بالمعروف) ش: تصوره واضح.
مسألة: قال ابن رشد في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم من كتاب الجامع: أجمع أهل العلم أن أكل مال اليتيم ظلما من الكبائر لا يحل ولا يجوز، وذهب مالك وأصحابه إلى أنه يجوز للفقير المحتاج أن يأكل من مال اليتيم بقدر اشتغاله به وخدمته فيه وقيامه عليه وإلا فلا يسوغ له أن يأكل منه إلا ما لا ثمن له ولا قدر لقيمته مثل اللبن في الموضع الذي لا ثمن له فيه، ومثل الفاكهة من حائطه. ومن أهل العلم من أجاز له أن يأكل منه على وجه السلف، ومنهم من أجاز له أن يأكل منه ويكتسي بقدر حاجته وما تدعوا إليه الضرورة وليس عليه رد ذلك. وأما الغني فإن لم يكن فيه خدمة ولا عمل سوى أن يتفقده ويشرف عليه فليس له أن يأكل منه إلا ما لا قدر له ولا بال مثل اللبن في الموضع الذي لا ثمن له فيه والثمر يأكله من حائطه إذا دخله. واختلف إن كان فيه خدمة وعمل، فقيل إن له أن يأكل بقدر عمله فيه وخدمته له، وقيل ليس له ذلك لقوله عز وجل: * (ومن كان غنيا فليستعفف) * انتهى بالمعنى. ونقله في رسم اغتسل من سماع ابن القاسم من كتاب الوصايا والله أعلم. ص: