مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ٢٩٦
تنبيه: فإذا جرح عبد عبدا وبرئ قبل أن يعلم سيده فإنه يدعى الجارح فيقال صف الجرح واحلف على ما ذكرت، فإن امتنع فانظر هل يقال للسيد صف الجرح واحلف عليه سواء أراد القصاص أو أراد أخذ الأرش أو يفصل في ذلك، فإن أراد القصاص قيل للعبد صف الجرح واقتص، وإن أراد الأرش قيل للسيد صف الجرح واحلف عليه لم أر فيه نصا، والظاهر أنه يجري الخلاف فيما إذا قام للعبد شاهد واحد بالجرح، فهل يحلف السيد معه مطلقا سواء أراد القصاص أو الأرش؟ قال في المقدمات في كتاب جنايات العبد: وهذا قول مالك، أو يفصل في ذلك وهو قول أصبغ والمغيرة انتهى. وسئلت عن ذلك في عبدين ضرب أحدهما صاحبه بعضا على حاجب عينه فشجه وأسال دمه بجرح العصا، فضربه الآخر بجنبيه تحت ثديه، فهل لكل واحد منهما القصاص من جارحه أم لا يجب في ذلك إلا الأرش، أم يجب الأرش في جرح العصا والقصاص في جرح الآخر؟ وإذا اندمل الجرحان قبل القصاص ولم يجد كل واحد من سيد العبدين بينة تشهد بمقدار عرض جرح عبده، فما يكون الحكم في ذلك؟ وهل يجب بالدعوى في الجراحة أن يعين عرضها وقدرها أم لا؟ فأجبت: لسيد كل واحد من العبدين أن يقتص من جارح عبده، وله أن يأخذ العبد الجارح لعبده إلا أن يفديه سيده بأرش ذلك الجرح إن كان له أرش مسمى، فإن لم يكن له أرش مسمى، فإن برئ الجرح على شين فما نقصه ذلك الشين، وإن لم يكن فيه شين فليس فيه إلا القصاص، وسواء كان الجرح بعصا أو بغيرها.
وقول أصحابنا لا قصاص في ضربة العصا إنما يريدون إذا لم يكن عنها جرح. وإذا اندمل الجرحان قبل القصاص ولم يوجد من يشهد عليها فإنه يقال للجارح صف قدر الجرح الذي جرحته وغوره واحلف عليه ولا يلزمك غيره، فإن أبى لم أر فيه نصا، والظاهر أنه ينظر، فإن أراد سيد العبد المجروح الأرش قيل له صف الجرح واحلف عليه ولا يلزمك غيره، وإن أراد القصاص فيختلف فيه هل يحلف هو أو يحلف العبد على الخلاف فيما إذا قام للعبد شاهد واحد بالجرح، فإن امتنعا من الحلف لم يجب من الجراح إلا ما لا يشك فيه والله أعلم.
فرع: فإن شهدت البينة على الجرح ولم تعرف قدره أو اسمه أو كتبته في ورقة وضاعت فقال في النوادر في ترجمة من يستقيد للمجروح وكيف يقاد من الجراح ومن المجموعة: قال أشهب: وإذا جرحه موضحة وعليه بينة لا يدري كم طولها فقد ثبت له موضحة وليس في العمد إلا القود فليوقف الشهود على أقل موضحة، فإن وقفوا عنده ولم يجاوزوه وحلف المشهود عليه على ما فوق ذلك وقيد منه بذلك، وإن لم يحلف حلف الآخر واستقاد ما ادعى.
قال سحنون فيمن جرح رجلا عمدا ولم يؤخذ قياس الجرح حتى برئ، فليدع الجارح فيوصف قد ضربته وأين بلغت ويحلف على ذلك ويقتص منه على ما أقر به، وإن لم يصف وأبى قيل للمجروح صف ذلك واحلف فيحلف ويقتص له منه، وإن أبى نظر إلا ما لا يشك فاقتص بقدر ذلك. وروى محمد بن خالد عن ابن القاسم في المجروح عمدا يكتب قياس جرحه حتى
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»
الفهرست