فرع: قال في الذخيرة: فإن قتل القاتل قصاصا قيل ذلك كفارة له لقوله عليه الصلاة والسلام الحدود كفارات لأهلها. وقيل: ليس بكفارات لان المقتول لا منفعة له في القصاص بل منفعته للاحياء زجرا أو تشفيا، والمراد بالحديث حقوق الله تعالى المحضة.
فائدتان: الأولى: قوله تعالى * (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس) * الآية. فيها سؤال وهو وجه تشبيه قتل النفس الواحدة بقتل جميع الناس وإحيائها بإحياء جميع الناس. والتشبيه في لسان العرب إنما يكون بين المتقاربين جدا، وقتل جميع الناس بعيد من قتل النفس الواحدة بعدا شديدا وكذلك إحياؤها. قال القرافي في الجواب: قال بعض العلماء: إن المراد بالنفس إمام مقسط أو حاكم عدل أو ولي ترتجى بركته العامة، فلعموم منفعته كأنه قتل من كان ينتفع به وهم المراد بالناس وإلا فالتشبيه مشكل. وقال مجاهد: لما كان قتل جميع الناس لا يزيد في العقوبة على عقوبة قاتل النفس الواحدة شبهه به.
قال: وهو مشكل لان قاعدة الشرع تفاوت العقوبات بتفاوت الجنايات، ولذا توعد الله قاتل الواحد بعذاب عظيم وعيده اعتقدنا مضاعفته في حق الاثنين فكيف بجميع الناس. انتهى بالمعنى.
الثانية: قوله تعالى * (ولكم في القصاص حياة) * قيل: الخطاب للورثة لأنهم إذا اقتصوا فقد سلموا وحيوا بدفع شر هذا القاتل عنهم الذي صار عدوهم. وقال بعضهم: الخطاب للقاتلين لأنه إذا اقتص منهم فقد محى إثمه فحيي حياة معنوية، وعلى القولين