مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ١٦٣
استغني بذكر العدالة عن سائر أضدادها. وقد يجاب بأن هذا النوع من أضداد العدالة فلذا كثر النزاع فيه انتهى. ويجاب بأن قوله الدينية احترز به من المحافظة المذكورة إذا لم يكن القصد بها الدين وإنما فعلها لتحصيل منصب دنيوي. وقال ابن محرز في تبصرته: قال أبو بكر الأبهري في صفة من تقبل شهادته: هو المجتنب الكبائر المتوقي لأكثر الصغائر إذا كان ذا مروءة وتمييز، متيقظا متوسط الحال بين البغض والمحبة.
قلت: وقد أتت هذه الصفة على جميع ما ينبغي للشاهد العدل انتهى. وقوله حر لاخفاء في اشتراط الحرية. وقوله مسلم كذلك. وقوله عاقل قال ابن عرفة: ابن عبد السلام: لا يختلف في اعتبار العقل في حالتي التحمل والأداء، ولا يضر ذهاب العقل في غير هاتين الحالتين. ونص عليه عبد الملك. قال ابن عرفة: قلت: ما ذكره هو مقتضى المذهب، ونص عبد الملك عليه لا أعرفه بل نقل الشيخ عن المجموعة قال ابن وهب عن مالك في الكبير:
يخنق ثم يفيق إن كان يفيق إفاقة بينة يعقلها جازت شهادته وبيعه وابتياعه انتهى. ص: (أو كثير كذب) ش: قال ابن عرفة: وأما الكذب فنصها مما يجرح به الشاهد قيام بينة على أنه كذاب في غير شئ واحد. ونقلها ابن الحاجب بأنه معروف بالكذب في غير شئ واحد.
قال ابن عبد السلام: كلامه يعني تكرار الكذب ممن يثبت عليه ذلك وأنه مشهور من قوله معروف، ولم يشترط هذا القيد الأخير في المدونة ويكفي تكرار الكذب.
قلت: قوله يعطى تكرار الكذب لا وجه له لتخصيصه به دون المدونة، لان فيها لفظ كذاب وفعال يدل على التكرار ضرورة. وقوله إنه مشهور من قوله معروف يرد بمنعه لان مدلول مشهور أخص من معروف ولا يلزم من صدق الأعم صدق الأخص. وقوله لم يشترط هذا في المدونة إن أراد به كونه مشهورا فلا يضر لما بينا أن لفظ معروف لا يستلزمه، وإن أراد لفظ معروف فقوله لم يشترط في المدونة إن أراد نصا فمسلم، وإن أراد لزوما منع لان لفظ قولها قيام البينة العادلة أنه كذاب بصيغة المبالغة يدل على أنه معروف بمطلق الكذب عادة لان الغالب في العادة أنه لا يثبت بالبينة العادلة على رجل أنه كذاب في غير شئ إلا وهو معروف بمطلق الكذب عادة لأنه الغالب فتأمله منصفا. انتهى. ص: (وسفاهة) ش: لعله يريد بالسفاهة المجون. قال في المدونة في كتاب القطع أو أنهم مجان: قال في التوضيح: جمع ماجن. الجوهري: المجون أن لا يبالي الانسان ما صنع انتهى. وقال ابن فرحون في شرحه: وفي التقريب: الماجن هو القليل المروءة الذي يكثر الدعابة والهزل في أكثر الأوقات. انتهى. ص:
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست