الثاني: إذا ثبت حق لغائب. فهل يوقف حتى يحلف يمين الاستظهار أو يسلم لوكيله وتؤخر اليمين حتى يقدم فيحلف، أو يموت فتحلف ورثته وإن نكل أو نكلوا راجع عليه؟ ذكر البرزلي في ذلك قولين في مسائل الغصب والاستحقاق، وسيأتي الكلام على ذلك مستوفي في باب الشهادات عند قول المصنف: وإن قال أبرأني موكلك الغائب.
الثالث: إذا ردت اليمين (على الموكل وهو غائب فقال ابن رشد في آخر مسائل الوكالات من نوازله في رجل غائب وكل وكيلا على القيام بعيب في سلعة اشتراها من رجل، فأنكر الرجل أن يكون باع من موكله وإنما باعها من رجل آخر فلزمه اليمين لعدم البينة فرد اليمين على الغائب. الجواب الذي أرى في هذا إذا لم يسم المقوم عليه من باع السلعة منه أو سمى رجلا بعيد الغيبة فتبين بذلك لدده أن يؤخذ منه حميل بالثمن إلى أن يكتب للغائب في الموضع الذي هو به فيحلف، وسواء كان قريب الغيبة أو بعيدها. ولا يدخل في هذا الاختلاف الذي في وكيل الغائب على قبض الدين يقر به ويدعي أنه قضاه، لان هذا مقر للغائب بشئ، وأما أخذ الثمن منه وإيقافه فلا أراه إذ لم يثبت عليه بعد شئ انتهى.
الرابع: قال الشيخ أبو الحسن الصغير في كتاب الرد بالعيب في الكلام على الرد على الغائب. والقاعدة أن الامام لا يتعرض لديون الغائب يقبضها إلا أن يكون مفقودا أو مولى عليه أو حاضرا. يريد أن تبرأ ذمته ورب الدين غائب أو حاضر ملد، وهذا بخلاف من تعدى على مال غائب فأفسده فإن الامام يأخذ منه القيمة ويحبسها للغائب. انتهى ونحوه في النكت فانظره. قال ابن رشد: وإنما لا يعرض السلطان لمن غاب وترك مالا له بيد رجل أو دينا له قبله إذا سافر كما يسافر الناس، وأما إذا طالت غيبته وانقطع خبره فالسلطان ينظر له ويحوز ماله على ما وقع في طلاق السنة. انتهى من رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب من كتاب الأقضية.
الخامس: قال في نوازل ابن رشد من مسائل الدعوى والخصومات: سئل عن أصحاب المواريث، هل يجوز لهم الخصام في شئ لبيت المال وهو بيد رجل يدعيه لنفسه أم لا يجوز لهم خصامه ويقيمون البينة على انفراد بيت المال به دون الذي هو في يده؟ الجواب: لا يمكن أصحاب المواريث من الخصام في ذلك دون أن يجعل إليه الطلب في ذلك والمخاصمة، وإن أراد ليثبت ذلك لبيت المال ويحصنه بالاشهاد دون مخاصمة من هو في يده كان ذلك له وبالله التوفيق انتهى.