بالخيار بين أن يغرم الهادم قيمتها على أن لا كراء فيها، أو يغرمه قيمتها مستثناة المنافع سنة ويأخذه بالمسمى الذي أكرى به لأنه دين كان له على المكتري أبطله له بهدمه لتلك الدار انتهى. فجعل المتكلم في ذلك لمالك الدار ولم يجعله لمالك المنافع وهو المكتري لأنه ليس له شئ في ذمة المكري يستوفيه منها لسقوط ذلك عنه بالهدم لكون المنافع في ضمان المكري حتى يستوفيها المكتري.
وقال في نوازل ابن رشد في مسائل البيع. سئل: عن أصحاب المواريث إذا باعوا شيئا على أنه لبيت المال. فقام من أثبت عند القاضي أن هذا المبيع لقريب منه غائب وهو حي وحازه عند القاضي، هل يفسخ القاضي البيع ويوقفه للغائب أو يبقى بيد المبتاع حتى يقدم الغائب؟ فأجاب: لا يمكن القاضي القريب من المخاصمة عن قريبه الغائب فيما باعه صاحب المواريث دون وكالة وإنما يمكنه من إثبات حقه في ذلك والتحصين له بالاشهاد عليه مخافة أن تغيب البينة أو تتغير. وقال في رسم الأقضية من سماع أشهب: وسألته عن عشيرة رجل ذكروا أن رجلا منهم بالأندلس، وفي يد رجل منهم له دار وأنه ادعاه لنفسه وأنكر أن يكون لصاحبهم في يديه حق، وسألوه أن يأذن لهم في المخاصمة وإثبات البينة عليه بحق الغائب قبل هلاك من يعلم ذلك ويشهد عليه، هل ترى أن يأذن لهم في ذلك؟ قال: لا أرى ذلك إلا بوكالة أو أمر يعرفه. قال ابن رشد: مثل هذا حكى ابن حبيب في الواضحة من رواية ابن غانم عن مالك ومن رواية أصبغ عن ابن القاسم عن مالك، وزاد عن ابن القاسم أنه قال: فإن جهل القاضي فأمره بالمخاصمة فحكم عليه أوله لم يجز ذلك عليه ولا له. وقال ابن نافع مثله، وقد مضى القول على هذه المسألة محصلا مستوفى في الرسم الذي قبل هذا، ويشير بذلك إلى ما في رسم الأقضية الثالث من السماع المذكور ونصه: وسألته عن الرجل يموت ويترك زوجة وبيدها ماله ورباعه ودوابه وكل كثير له وقليل وللهالك أخ غائب، فيقوم ابن الأخ الغائب فيقول أنا أثبت أن هذا المال الذي بيدها كله لعمي وليس لها منه شئ وأبي وارثه، فإذا قضى به لعمي فضعوه بيد عدل ولا تدفعوه إلي، أو يقوم في ذلك رجل غير ابنه فيقول مثل مقالته فقال: أما الابن فأرى أن يمكن من ذلك، فإذا ثبت ما قال وضع على يد عدل، فأما الرجل غير ذلك فلا أدري ما هذا. قال ابن رشد: أجاز في هذه الرواية للابن أن يخاصم عن أبيه الغائب في رباعه وحيوانه وجميع ماله دون توكيل، وكذلك الأب فيما ادعاه لابنه وقع ذلك في الجدار. وقال في الواضحة: إن ذلك في الأب أبين منه في الابن، ولم يجز ذلك لمن سوى الأب والابن من القرابة والعشيرة على ما سيأتي له في الرسم الذي بعد هذا، وفي رسم الكبش من سماع يحيى غير أنه في هذه الرواية أراد المالك أن يمكن من إيقاع البينة وإثبات الحق لا أكثر، وليس ما في رسم الكبش بمخالف لما في هذه الرواية وقد حملها بعض أهل النظر على الخلاف وليس ذاك بصحيح. وقد اختلف في هذا على أربعة أقوال.