الأول: ما حملت عليه هذه الرواية وما في رسم الكبش من سماع يحيى من التفرقة بين الأب والابن وبين سائر القرابة والأجنبيين.
والثاني: أنه يمكن من قام عن غائب يطلب حقا له من المخاصمة عنه في ذلك دون توكيل وإن كان أجنبيا. ذهب إلى هذا سحنون، وإلى أن القاضي يوكل من يقوم بحقه تأول ما روي عن مالك من أنه لا يمكن أحد إلا بوكالة فقال: معناه فيما طال من الزمان ودرس فيه العلم وهو أحد قولي ابن الماجشون وروي ذلك عن أصبغ.
والثالث: يمكن من إقامة البينة ولا يمكن من الخصومة.
والرابع: أنه لا يمكن من إقامة البينة ولا من الخصومة وهو قول ابن الماجشون في الواضحة ومطرف وقد قيل: إن القريب والأجنبي يمكن من المخاصمة في العبد والدابة والثوب دون توكيل لأن هذه الأشياء تفوت وتحول وتغيب، ولا يمكن من المخاصمة فيما سوى ذلك من الدين وغيره إلا الأب والابن. حكى هذا ابن حبيب في الواضحة عن مطرف وابن الماجشون وهو قول خامس في المسألة.
واختلف إذا مكن القائم عن الغائب في المخاصمة عنه فيما يدعيه له دون توكيل على القول به، فقيل: ذلك في قريب الغيبة وبعيدها سواء وهو الظاهر من رواية أشهب هذه إذ لم يفرق فيها بين قريب الغيبة من بعيدها، وكذلك حكاه أبو زيد عن ابن الماجشون في الحيوان يدعيه ابن الغائب أو أجنبي. وقيل: إن ذلك في القريب الغيبة دون البعيد وإلى هذا ذهب سحنون وابن حبيب فيما حكى عن مطرف، ثم ذكر مسائل استدل بها لهذا القول وأطال في ذلك والله أعلم.
تنبيهات: الأول: إذا كان للمدعي حصة في الشئ المدعي به وباقيه للغائب فله الدعوى في ذلك ويأخذ حصته ويترك الباقي في يد من هو في يده حتى يأتي من يدعيه.
قال في أواخر الشهادات من المدونة: وإن شهدوا أن هذا وارث أبيه أو جده مع ورثة آخرين لم يعط هذا منها إلا مقدار حصته ويترك القاضي باقيها في يد المدعى عليه حتى يأتي من يستحقه. وقد كان يقول غير هذا يعني بالمقول ما روي عن مالك بعده وهو أنه ينزع من يد المطلوب ويوقف، وفي كتاب الولاء أتم مما هنا. قال بعض القرويين: ينبغي على قول ابن القاسم إذا قامت غرماء بدين على الغائب أن يباع لهم الحظ الموقوف بيد المدعى عليه، لان الغائب لو كان حاضرا ونكل عن اليمين لكان للغرماء أخذها وبيعها في دينهم. ابن يونس:
يريد بعد يمينهم التي كان يحلفها الغائب. انظر تمامها انتهى. وانظر التبصرة لابن فرحون في تقسيم المدعى لهم.