مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ١٠٨
القولين على الآخر، فإن أشهب ومحمدا يقولان يحضرهم مطرف وابن الماجشون يقولان لا ينبغي أن يحضرهم ولكن يشاورهم. كذا قال ابن الحاجب. فقال في التوضيح: قيد اللخمي قول مطرف وابن الماجشون أن يكون مقلدا فلا يسعه القضاء إلا بمحضرهم. قال المازري:
وقول مطرف وغيره إنما هو إذا كان فكر القاضي في حال حضورهم كحاله في عدم حضورهم، وأما لو كان حضورهم يكسبه حجرا حتى لا يمكنه التأمل لما هو فيه فإنه يرتفع الخلاف. وكذلك إذا كان القاضي من البلادة على حال لا يمكنه ضبط قول الخصمين ويتصور مقاصدهما حتى يستفتى عنه فإنه يرتفع أيضا الخلاف ولا يختلف في وجوب حضورهم انتهى. وقال في تبصرة ابن فرحون.
تنبيه: إطلاقهم المشاورة ظاهره عالما كان بالحكم أو جاهلا. وفي الطرر لابن عات: لا يجوز للحاكم أن يشاور فيما يحكم فيه إذا كان جاهلا لا يميز الحق من الباطل، لأنه إذا أشير عليه وهو جاهل لم يعلم أحكم بحق أم بباطل. ولا يجوز له أن يحكم بما لا يعلم أنه الحق، ولا يحكم بقول من أشار عليه تقليدا حتى يتبين له الحق من حيث تبين للذي أشار عليه انتهى.
وهذا الأخير والله أعلم في المجتهد. وفي التبصرة أيضا قال المازري في شرح التلقين: القاضي مأمور بالاستشارة ولو كان عالما لان ما ذكره فيه الفقهاء وبحثوا فيه تثق به النفس ما لا تثق بواحد إذا استبد برأيه، ولا يمنع من ذلك كونهم مقلدين لاختلافهم في الفتوى فيما ليس بمسطور بحسب ما يظن كل واحد منهم أنه يقتضي أصول المذهب انتهى. وفي التوضيح: قال ابن عطية في تفسيره: ومن لم يستشر أهل العلم والدين فعزله واجب هذا مما لا خلاف فيه انتهى، ونقله القرطبي في تفسير سورة آل عمران. وفي ابن عبد السلام: وبالجملة فإن أحوال الخلفاء دلت على اتفاقهم على المشاورة لا سيما في المشكلات؟ انتهى.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست