يسمح بهذا؟ بل في صحيح مسلم أنه (ص) أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يمينه، وظاهر كلام الأئمة أن ذلك لا يجوز لأن من بدأ بالطواف مستقبلا الحجر إلى أن جاوزه ثم انفتل بعد مضي جزء من طوافه والبيت ليس على يساره فالوجه امتناعه وقد أشار ابن الرفعة لذلك. وقال:
إن الامام احترز عنه بقوله المراد بالبدن في المحاذاة شق الطائف اليسار لا غير، لكن كلام القاضي أبي الطيب والبندنيجي وغيرهما مصرح بأن اشتراط جعل البيت على يساره هو من حين مجاوزة الحجر لا عند محاذاته وهو يؤيد كلام النووي انتهى. فهؤلاء من أئمة الشافعية أنكروا هذه الكيفية وأنكروا استحبابها بل جعلوها مكروهة وممنوعة. وأما اشتراط أن يمر بجميع بدنه على جميع الحجر فقد اعترض عليه في ذلك بأنه صرح في الروضة وأصلها بأنه يكفي أن يحاذي بجميع بدنه بعض الحجر قال: وينبغي أن يمر بجميع بدنه على جميع الحجر. وقال في شرح المهذب: إنه المذهب. وأما المالكية فليس في كلامهم تعرض للكيفية المذكورة بل الواقع في كلامه أنهم يقولون يستلم الحجر ثم يجعل البيت على يساره. بل في كلام القاضي سند في الطراز ما يقتضي أنها غير مطلوبة فإنه قال: يبدأ في الطواف من الحجر الأسود فيستقبل الحجر بجميعه لما روي عن ابن عمر أن النبي (ص) لما دخل المسجد استقبل الحجر واستلمه، والأحسن أن يأتي عن يمين الحجر ويحاذي بيساره يمين الحجر ثم يقبله ويضعه على يساره ويطوف على يده اليمنى، ولو حاذى بعضه أجزأه لأنه منه بدأ، فإذا انتهى إلى ذلك الموضع كان شوطا وزعم بعض أصحاب الشافعي أنه لا يجزئه ذلك الشوط حتى يستقبل جميع الحجر عن يمينه لأنه ما لزمه استقباله لزمه بجميع بدنه كالقبلة. وما قلناه أبين لأن الواجب طواف بالبيت وموضع البداءة الحجر وقد بدأ منه ويخالف القبلة فإن عليه أن لا يستقبل غيرها، ولأنه في البيت أيضا لا يستقبل جميعه في الصلاة وإنما يستقبل بعضه وكذا يجزئه من الحجر بعضه انتهى.
قال ابن فرحون بعد أن ذكر كلام ابن معلى: وهذا من الحرج الذي لا يلزم، والمذهب مبني على عدم هذا التحديد ومراعاة هذه الكيفيات والمراعى أن يبتدئ من الحجر الأسود ويحتاط في ابتداء الشوط الأول بحيث يكون ابتداؤه من الحجر الأسود انتهى. وقد صرح سند بأن البداءة من الحجر ليست شرطا عندنا بل هي مما يجبر بالدم، بل صرحوا بأنه لو بدأ من بين الحجر والباب أنه يسير ويجزئه والله أعلم. ولا يقال قوله في الطراز يستقبل الحجر بجميعه معارض لقوله بعد والأحسن أن يأتي من يمين الحجر ويحاذي يساره بيمين الحجر لأنا نقول:
المراد أنه يستقبل الحجر بجميع بدنه وتكون يده اليسرى محاذية ليمين الحجر ثم يقبله ويمشي على جهة يده اليمنى والله أعلم.
الثالث: ذكر الشيخ أبو عبد الله بن الحاج في المدخل في ابتداء الطواف أمرا لا يحتاج إليه بل هو مشو ش على كثير من الناس ويوجب لهم الوسواس وربما حصل منه إذا فعلوه تشويش على الطائفين ونصه: وليحذر مما يفعله بعضهم وهو أن يأتي الحجر فيقبله ثم يأخذ في