مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٨٨
عنه في التوضيح إلا أن قول في التوضيح لأن دم المتعة إنما يجب إذا أحرم بالحج ليس هو كذلك في تبصرة اللخمي، وإنما لفظه لأن المتعة إنما تجب إذا أحرم بالحج، وكذلك نقله ابن عبد السلام وابن فرحون، لكن كلامه يدل على أن المراد دم المتعة وهذا كلام اللخمي الموعود به في المسألة الأولى. وإنما يدل على ما قاله ابن شاس وابن الحاجب والمصنف وقول المصنف في التوضيح. قال ابن الجلاب: والاختيار تقديمه في أول الاحرام يوهم أن ذلك في الهدي وليس كذلك إنما قاله في الصيام ونصه: والاختيار له تقديم الصيام في أول الاحرام إذا علم ذلك. فلم يحمل أحد من شراح ابن الحاجب كلامه على تقديم نحر هدي التمتع بل صرح ابن عبد السلام وابن فرحون أنه ليس كذلك إن أراده بل تقدم في كلام ابن عبد السلام في شر المسألة الأولى أن هدي التمتع إنما ينحر بمنى إن وقف به بعرفة أو بمكة بعد ذلك إلى آخره، وهو يدل على أنه لا يجزئ نحره قبل ذلك والله أعلم. ونصوص أهل المذهب شاهدة لذلك. قال القاضي عبد الوهاب في المعونة. ولا يجوز نحر هدي التمتع والقران قبل يوم النحر خلافا للشافعي لقوله تعالى * (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) * وقد ثبت أن الحلق لا يجوز قبل يوم النحر فدل على أن الهدي لم يبلغ محله إلا يوم النحر وله نحو ذلك في شرح الرسالة. وقال في التلقين:
والواجب لكل واحد من التمتع والقران هدي ينحره بمنى ولا يجوز تقديمه قبل فجر يوم النحر وله مثله في مختصر عيون المجالس. وقال في النوادر في ترجمة نحر الهدي: وقال مالك:
والقارن إذا ساق معه الهدي فدخل به مكة فعطب بها قبل أن يخرجه إلى عرفة فلينحره بمكة إن شاء ولا يجزئ عنه ثم قال بعده: قال مالك: وكل هدي دخل مكة فعطب بها فيجزئ إلا هدي التمتع لأنه إنما يبتدئ الحج بمكة. قال ابن حبيب عن ابن الماجشون: فكأنه عطب قبل محله انتهى. ونقل أبو إسحاق التونسي كلام مالك المذكور وقال بعده أبو إسحاق: هذا صواب وقال سند في باب الهدي: إذا ساق الهدي لينحره في عمرته نحره ثم إذا تمتع بالحج أهدى لمتمتعه، سواء قلد هدية بنية التطوع أو بنية أنه للمتعة. وبه قال أبو حنيفة إن ما نحره قبل تحلله من حجه لا يجزئه لتمتعه، سواء ساق الهدي مع إحرامه بالعمرة أو مع إحرامه بالحج.
واختلف فيه قول الشافعي فمرة قال: إذا نحره بعده تحلل من العمرة أجزأه عن المتعة. ومرة قال:
لا يجزئه إلا أن ينحره بعد أن يحرم بالحج وإن كان قبل الوقوف بعرفات. ولا يشترط الشافعي تحلله قولا واحدا. أو احتج بأنه دم تعلق بالاحرام وينوب عنه الصيام فجاز قبل يوم النحر كفدية الأذى ودليلنا قوله تعالى: * (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) * فإنما يشرع الهدي لذلك إذا وقع التمتع ولا يقع التمتع بالنسكين حتى يحرم بهما جميعا، فإذا أهدى قبل أن يحج أهدى قبل أن يكون متمتعا فأشبه ما لو أهدى قبل أن يحل من عمرته، فلا خلاف أنه لا يجزئه كذلك مسألتنا، ولان كل زمان لا يجوز فيه ذبح أضحية لا يجوز فيه ذبح هدي المتعة كقبل التحلل من العمرة وبخلاف فدية الأذى لأنها عندنا
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست