ابن حبيب أنه يتوضأ ويبني ما نصه: وكذلك إذا أحدث في السعي وظاهره أنه تشبيه في أصل المسألة وأن من أحدث في أثناء السعي يقطع ويبني ويبتدئ على المشهور وليس هذا مراده رحمه الله، وإنما هو راجع إلى قول ابن حبيب ومراده أن ما ذكره ابن حبيب في الطواف من الوضوء والبناء هو المذهب في السعي إذا أحدث في أثنائه ولم يقل أحد بأنه يبتدئ السعي إلا أن بين الطواف والسعي فرقا من جهة أخرى، وهو أن هذا في الطواف واجب لأن الطهارة شرط في صحته وتستحب في السعي لأن الطهارة ليست شرطا في صحته وإنما هي مستحبة، فلو أتم سعيه وهو محدث أجزأه، ولم يذكر الشارح في الشرح الصغير قول ابن حبيب فتقوى الاشكال في كلامه والله أعلم.
الرابع: من شرع في الطواف ثم رفضه في أثنائه هل يرتفض ويبطل كالصلاة أو لا يبطل بالرفض كالحج والعمرة والوضوء؟ لم أقف الآن على نص في المسألة فليتأمل ذلك والله أعلم. ص: (وجعل البيت عن يساره) ش: يعني أن من واجبات الطواف وشروطه أن يجعل البيت على يساره فلو طاف وجعل البيت على يمينه أو طاف ووجهه إلى البيت أو ظهره لم يجز طوافه وهو كمن لم يطف فيرجع لذلك من بلده، وهو مذهب مالك والشافعي وابن حنبل، لأنه (ص) طاف كذلك وقال: خذوا عني مناسككم. وقال أبو حنيفة: إن ذلك سنة، من تركه صح طوافه ويعيد ما دام بمكة فإن خرج إلى بلده لزمه دم. هكذا نقل عنه في الطراز. فإن قيل: فلم جعلتم الترتيب هنا واجبا وجعلتموه في الوضوء سنة؟ فالجواب أنه هنا مطلوب إجماعا ولم ينقل أحد من الصحابة والتابعين أنه طاف منكوسا، وأما الوضوء فقد ورد عن ابن عباس أنه قال: ما أبالي بأي أعضائي بدأت إذا أتممت وضوئي. هكذا نقل الشارح عن أبي الحسن الصغير.
تنبيه: فلو جعل البيت عن يساره ولكنه طاف منكوسا فرجع القهقري من الحجر الأسود إلى اليماني فالظاهر أنه لا يجزئه، وكلام صاحب الطراز وغيره يدل على ذلك.
فائدة: حكمة جعل الطائف البيت على يساره ليكون قلبه إلى جهة البيت. وقال في الذخيرة: فلو جعله على يمينه لم يصح ولزمته الإعادة لأن جنبي باب البيت نسبتهما إليه كنسبة يمين الانسان ويساره إليه فالحجر موضع اليمين لأنه يقابل يسار الانسان وباب البيت وجهه، فلو جعل البيت على يمينه وعرض عن باب البيت الذي هو وجهه، ولو جعله على يساره أقبل على الباب ولا يليق بالآداب الاعراض عن وجوه إلا ماثل وتعظيم بيت الله تعظيم له انتهى.