ليست بهدي حتى إذا جعلها هديا لا يجزئه قبل يوم النحر. ثم الفدية حجتنا لأنها لا تجزئ قبل كمال سبب وجوبها وكذلك تجب في التمتع لا يجزئ هديه قبل حصوله انتهى. ثم قال في باب صوم الهدي لما ذكر الاحتجاج على أن الهدي لا يجب بإحرام الحج ما نصه: ولان الهدي لو وجب بها لجاز نحره إذ شرط الوجوب التمكن من فعل ما وجب. وسلم أبو حنيفة أنه لا يجوز نحر الهدي حتى يحل، وإذا كان لا يتمكن من نحر الهدي حتى يحل وجب أن لا يجب حتى يحل. ثم قال: إذا ثبت ذلك فلا يجوز الهدي عند مالك حتى يحل وهو قول أبي حنيفة، وجوزه الشافعي من حين يحرم بالحج. واختلف قوله فيما بعد التحلل بعد العمرة قبل الاحرام بالحج، ودليلنا أن الهدي متعلق بالتحلل وهو المفهوم من قوله تعالى * (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) * إلى آخر الآية: وقال في باب المواقيت فيمن تجاوز الميقات ثم فاته الحج قال ابن القاسم: يسقط عنه دم تجاوز الميقات. قال سند: رأى ابن القاسم أن الدم المتعلق بنقص الاحرام إنما يستقر وجوبه عند انتهاء الاحرام بدليل أنه لو فعله قبل ذلك لم يجزه، وبدليل دم المتعة لأنه لو مات قبل الوقوف أو قبل الرمي لم يلزمه عند أشهب وابن القاسم ولو مات بعد الرمي لزمه ذلك انتهى. وقال ابن العربي في أحكامه: يجب على المتمتع الهدي إذا رمى جمرة العقبة إن الحج حينئذ يتم ويصح منه وصف التمتع. وقال أبو حنيفة والشافعي: يجب عليه الهدي إذا أحرم بالحج لأن الحج وجب عليه بضم الحج إلى العمرة، وإذا أحرم بالحج فأول الحج كآخره، وهذه دعوى لا برهان عليها ولو ذبحه قبل يوم النحر لم يجز وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي: وهذا كلام أبي العربي الموعود به في أحكامه. وقال في الاكمال: قال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز نحره قبل فجر يوم النحر. وأجازه الشافعي ونحوه لابن الفرس في أحكامه. وقال الحفيد: قال مالك: إن ذبح هدي التمتع والتطوع قبل فجر يوم النحر لم يجزه وجوزه أبو حنيفة في التطوع والشافعي فيهما، ومراده بالتطوع الذي ساقه ليذبحه في حجه والله أعلم.
تنبيه: قال الشيخ أبو الحسن الصغير في شرح قوله في المدونة: ومن اعتمر في أشهر الحج فساق معه هديا فطاف بالعمرة وسعى فلينحره إذا أتم سعيه، قال أبو محمد صالح، يريد ويجزيه عن تمتعه إذا حج من عامه. ثم قال في المدونة: فإن كان لما حل من عمرته أخر هديه إلى يوم النحر فنحره لم يجزه عن تمتعه. قال أبو محمد صالح: قال الفقيه: قف على هذا فإنه مشكل لأنه إذا كان لا يجزيه الأدنى إذا أخره مع أن الهدي وجب عليه، فكيف يجزيه مع التقديم مع أنه لم يجب عليه بعد؟ قال: فيحتمل أن يكون هذا جاريا على أحد القولين في الهدي إذا أخره عن محله الذي أمر أن ينحر فيه هل يجزئه أم لا انتهى. قلت: وقوله إنه مشكل لا شك في ذلك ولكنه إنما جاء الاشكال من حيث قال يريد ويجزئه إذ لم يقل ذلك أحد من أهل المذهب ولا غيرهم كما علمت ذلك من نصوص العلماء، لأن الشافعي وإن قال بجواز ذبحه بعد التحلل من العمرة فإنما ذلك إذا قصد به التمتع فلا يلتفت إلى هذا ولا يعول عليه، ولا يحل لاحد أن