اعتمر في آخر يوم عرفة ثم أحرم بالحج ولم يحلق حتى وصل إلى منى يوم النحر فحلق أجزأه، وكأنه تداخل الحلاقان معا قال: وانظر إذا فرغ من عمرته ثم أحرم بأخرى قبل أن يحلق الأولى، هل يكون مثله؟ تردد في ذلك، ولا فرق في الموضعين وهما معا من باب التداخل انتهى.
قلت: وذكر صاحب الطراز في كتاب الحلاق عن عبد الحق ما يقتضي أن الدم لا يسقط ولو حلق بالقرب لأن الحلق للنسك الثاني فإنه قال لما تكلم على من أخر الحلق عن الإفاضة ما نصه: إذا قلنا يحلق بعد إفاضته ولا شئ عليه فلو اعتمر بعد أيام منى قبل أن يحلق قال عبد الحق: عليه الهدي وإن كان بالقرب لأنه لما أحدث العمرة وجب عليه أن يحلق لها انتهى.
قلت: وهو الذي يظهر من كلام عبد الحق وابن يونس في الكلام على مسألة من أحرم بالحج بعد سعي العمرة وقبل الحلاق. وقال عبد الحق: عليه دم لتأخير الحلاق لأنه لما أحرم بالحج لم يقدر على الحلاق، فإن عمد فعجل الحلاق. وقال عبد الحق: عليه دم لتأخير الحلاق لأنه لما أحرم بالحج لم يقدر على الحلاق، فإن عمد فعجل الحلاق فعليه الفدية لأنه محرم حلق رأسه، ولا يسقط عنه دم تأخير الحلاق لأنه قد وجد عليه ولزم ذمته انتهى. وقال ابن يونس:
قال لي بعض أصحابنا: إن تعدى لهذا الذي لزمه تأخير الحلاق فحلق فظهر لي أنه لا يسقط عنه دم تأخير الحلاق لأنه نقص لزمه كمن تعدى الميقات ثم أحرم بالحج فلزمه دم التعدي فلا يسقط عنه رجوعه إلى الميقات. وقال بعض أصحابنا: يتخرج على قول ابن القاسم وأشهب فيمن قام من اثنتين فلما استوى قائما رجع فجلس. قال ابن القاسم: يسجد بعد. وقال أشهب: قبل. فعلى قول ابن القاسم يسقط عنه دم تأخير الحلاق، وعلى قول أشهب يجب أن لا يسقط عنه دم تأخير الحلاق. انتهى أوله باللفظ وآخره مختصرا بالمعنى. وإلى عدم سقوط الدم أشار المصنف بقوله ولو فعله. واختار صاحب الطراز أن دم التأخير يسقط عنه إذا حلق، ورد القول الذي صححه ابن الحاجب والمصنف فقال: وزعم بعض القرويين أنه وإن حلق لا يسقط عنه الهدي لأن حلقه غير جائز. قال: وهذا فاسد لأن الهدي عليه لتأخير الحلاق وإن لم يثبت التأخير فلا يثبت حكمه والحلق هاهنا غير جائز من وجه وهو صحيح من وجه ويضاهي الصلاة في الدار المغصوبة، فإن حلق فلا هدي عليه وعليه الفدية انتهى.
قلت: ولا يؤخذ من كلامه هذا مثل ما نقله التادلي عن ابن عطاء الله لأن هذا حلق لكل نسك حلاقا فتأمله. ص: (ثم تمتع بأن يحج بعدها وإن بقران) ش: يعني أن حقيقة التمتع