رحمه الله مقتضيات البر والحنث من النية وما بعدها أخذ يذكر فروعا تنبني على تلك الأصول وهي في نفسها أيضا أصول. فمن ذلك إذا تعذر الفعل المحلوف عليه لفوات محله، وقاعدة المصنف في هذا الباب أنه إذا قال: وبكذا فيشير إلى ما يقع فيه الحنث، وإذا قال: لا كذا فيشير إلى ما لا يحنث فيه إلا أنه رحمه الله أجمل في كلامه بعض الاجمال لأجل الاختصار والمسألة فيها تفصيل. قال في التوضيح: اعلم أن من حلف ليفعلن شيئا فتعذر فعله، فإما أن يكون الفعل مؤقتا أم لا. ابن بشير: فإن كان الفعل غير مؤقت بأجل، فإن كان فرط حتى تعذر الفعل فلا خلاف أنه حانث، فإن بادر فلم يمكنه الفعل فكما لو كان مؤقتا انتهى. والمؤقت ينقسم تعذره إلى ثلاثة أقسام: إما أن يكون عقلا أو شرعا أو عادة. فالعقلي كتعذر ذبح الحمام المحلوف بذبحها لموتها إذا الذبح في الميت متعذر، فلا خلاف منصوص أنه لا يحنث. وخرج اللخمي قولا بالحنث من التعذر شرعا، وأما العادي فكما لو حلف ليذبحن الحمامات غدا فعطبت أو سرقت أو استحقت فذكر المصنف قولين ومذهب المدونة الحنث. وأما الشرعي فكما لو حلف ليطأنها الليلة فوجدها حائضا أو ليبيعن الأمة فوجدها حاملا، وذكر المصنف فيه قولين ومذهب المدونة الحنث، ونص سحنون في مسألة البيوع على عدم الحنث. ووقع لابن القاسم وابن دينار فيمن حلف ليطأن امرأته الليلة فقام فوجدها حائضا إن فرط قدر ما يمكنه الوطئ حنث وإلا فلا، واختاره ابن حبيب وابن يونس. وإنما فرق ابن القاسم بين الموت والسرقة والبيع لأن الفعل في الميت لا يمكنه البتة بخلاف السرقة والبيع. فإن الفعل يمكنه إذا مكن من ذلك ومنع الشرع منه أو العادة لا يمنع بعض الحالفين من قصده فلا يعذر بفعل السارق ونحوه، لأن من أصل ابن القاسم أن الحالف ليفعلن لا يعذر بالاكراه والغلبة إلا أن ينوي ذلك. ابن بشير:
وهذا الخلاف إنما هو إذا أطلق اليمين، وأما لو خص وقال: قدرت على الفعل أم لا فلا يختلف