مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٢٣٢
إحرامه، وظاهر هذا الفدية وهو خلاف قول الكافة وإنما اختلف الناس في استحبابه. ثم ذكر عن أبي حنيفة والشافعية وابن حنبل وغيرهم استحباب ذلك وذكر استدلالهم على ذلك، ثم ذكر ما احتج به لمالك ثم قال بعد أن ذكر الاحتجاج على النهي عن التطيب قبل الاحرام: إذا ثبت ذلك فزعم ابن القصار أن ذلك عند مالك على الكراهة لا على التحريم، وهذا يقتضي أن لا فدية فيه إذا وقع ونزل وهو المعروف من قول أصحابنا: ثم قال: إذا قلنا لا فدية فيه مع كراهته فإنه يؤمر بغسله، فإن قدر على غسله بمجرد صب الماء فجلس، وإن لم يقدر إلا بمباشرته فعل ولا شئ عليه لأنه فعل ما أمر به، وقد أمر النبي (ص) المتضمخ بالخلوق أن يغسله عنه ولم يذكر له فدية. ولا فرق في ذلك بين أن يكون الطيب في بدنه أو ثوبه إلا أنه إذا نزع ثوبه لا يعود إلى لبسه، فإن عاد فهل عليه في العود فدية؟ يحتمل أن يقول لا فدية لأن ما فيه قد ثبت له حكم العفو كما لو لم ينزعه. وقال أصحاب الشافعي: تجب عليه الفدية لأنه لبس جديد وقع بثوب مطيب انتهى. وفهم منه أنه لا يجوز له لبس الثوب المطيب في حالة الاحرام وإن كان الطيب من قبل الاحرام وهو كذلك فإنه قال في باب ما يلبسه المحرم من كتاب الحج الأول: أما ثوب المحرم إذا علق به ريح طيب أو بحر بعود أو ند وشبهه فلا يلبسه، فإن فعل قال في الموازية: لا يحرم في ثوب فيه ريح مسك أو طيب، فإن فعل فلا فدية عليه. قال أشهب في المجموعة: إلا أن يكون كثيرا أو يكون كالتطيب. وينبغي أن يخرج الفدية إذا فعله عند الاحرام على ما ذكرناه من الاختلاف فيمن تطيب حينئذ أما ما بعد الاحرام فيفتدي انتهى. وتقدم كلامه هذا برمته عند قول المصنف: ومصبوغ لغير مقتدى به.
تنبيه: أطلق المصنف في الطيب الباقي مما قبل الاحرام، وقيده الباجي بأن لا يكون بحيث تبقى منه ما تجب الفدية بإتلافه، ونقله عنه صاحب الطراز ونصه إثر قوله السابق: وهذا يقتضي أن لا فدية فيه إذا وقع وهو المعروف من قول أصحابنا. قال الباجي: الأظهر أنه لا تلزمه فدية لأن الفدية إنما تجب بإتلاف الطيب حالة الاحرام، وهذا أتلفه قبل الاحرام إلا أن يكون من الكثرة بحيث يبقى منه ما تجب فيه الفدية بإتلافه أو لمسه فتجب بذلك الفدية وهو أبين انتهى. ونقله عنه الباجي أيضا وابن عبد السلام وابن عرفة والشارح وقبوله ولم يذكره المصنف في التوضيح.
فرع: وهذا بخلاف الدهن قبل الاحرام فإنه جائز. قال ابن عرفة: وفيها لمالك: جائز أن يدهن عند إحرامه وبعد حلاقه بالبان غير مطيب والزيت وشبهه ولا يعجبني ما يبقى ريحه.
اللخمي: والقياس منعه مطلقا قبل إحرامه كمنعه بعده كمنع لبسه وتطيبه عند إحرامه وبعده.
قال ابن عرفة: قلت: فرق بين عدم الشعث وإزالته والمنافي للاحرام إزالته لا عدمه، ولذا جاز إحرامه إثر احتمامه وحلقه ومنع بعده انتهى.
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست