استعماله وإن ذهبت ريحه إلا أنه لا فدية فيه. قال أبو عرفة: وقول ابن شاس لو ذهبت رائحة المسك لم يصح إن أراد وتجب الفدية تحقق ذهاب كلها ففيه نظر انتهى. قلت: وكأنه لم يقف على نص في ذلك، وقد صرح اللخمي في أوائل كتاب الحج لما تكلم على المصبوغ بالزعفران ونحوه بأنه لا فدية في ذلك فقال: ولو جعل في ثوبه طيبا قد قدم وذهب ريحه لم يكن فيه فدية انتهى. وكلامه يقتضي أن ذلك هو المذهب وهذا هو الظاهر والله أعلم. وكلام صاحب الطراز صريح أو كالصريح في ذلك فإنه قال في كتاب الحج الأول في الثوب المصبوغ بالزعفران: إذا غسل أو نشر وتقادم حتى انقطعت رائحته ولا يظهر بوجه أنه يكره لبسه ولا يحرم ثم قال: لأن القصد من الطيب الرائحة، فإن كانت قائمة افتدى وإلا فلا فدية عليه انتهى. ورأيت في حاشية معزوة لكتاب اللباب شرح الجلاب للغساني فيها ما نصه: لو انقطعت رائحة الطيب لم يجز استعماله ولا فدية فيه وهو كلام حسن. ص: (أو لضرورة كحل) ش:
ظاهر العبارة يقتضي أن استعمال الطيب لضرورة الكحل وشبهها ممنوع وليس ذلك مراده، وإنما أراد أن ذلك موجب الفدية وهذا نحو ما تقدم في قوله: ككف ورجل بمطيب، ولا يفهم من كلام المصنف حكم اكتحال المحرم بغير المطيب، والمذهب إن كان لضرورة فهو جائز، وإن كان لغير ضرورة فثلاثة أقوال، مشهورها وجوب الفدية على الرجل والمرأة. وقيل لا تجب عليهما. وقيل تجب على المرأة دون الرجل. قال المصنف في مناسكه: والكحل فيه الفدية إن كان مطيبا، وإن كان غير مطيب وكان لضرورة فلا شئ عليه، وإن كان لغير ضرورة فالمشهور وجوب الفدية، وثالثها تجب على المرأة دون الرجل. وحكى بعضهم الاتفاق على وجوب الفدية على المرأة. انتهى ونحوه في التوضيح. وقال ابن عرفة: واكتحال المحرم مطلقا لدواء جائز وفيه بمطيب الفدية ولزينة ممنوع، وفي الفدية بغير مطيب ثالثها على المرأة لها وللخمي على القاضي عن بعض أصحابنا والجلاب عن عبد الله انتهى.
فروع الأول: قال سند: فإن اضطر إلى الكحل فاكتحل لقصد الدواء ولقصد الزينة قال ابن القاسم: عليه الفدية فغلب جانب الفدية.
الثاني: قال أيضا: أما تنشيف العين فإن كان ببعض المياه أو بشئ لا يتحجر على الجسد فهو خفيف، وإن كان لشئ يتحجر ويستر البشرة سترا كثيفا حتى يكون كالقرطاس ففيه الفدية.
الثالث: قال أيضا عن الموازية: لا تكتحل المرأة بالإثمد وإن اضطرت إلى الكحل لأنه زينة إلا أن تدعو الضرورة إليه نفسه فتكتحل به ولا فدية انتهى.