مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٥
لا إله إلا الله وبقوله حق المسلم على المسلم ثلاث فذكر أن يصلي عليه إذا مات. ووجه القول بأنها ليست بفرض وهو مشهور المذهب أن النبي (ص) لما بين فرائض الخمس الصلوات قال له السائل: هل علي غيرهن؟ قال: لا إلا أن تطوع. ولان الإقامة من شعائر الدين وفرائض الصلاة فلو كانت هذه الصلاة فرضا لشرعت لها الإقامة والاذن كسائر الفرائض، فلما لم تشرع لها الإقامة دل ذلك على انتفاء الفريضة فيها كسائر النوافل. وذكر أشياء أخر احتج بها على عدم الفريضة، فإذا ثبت ما ذكرناه أنها ليست بفرض، فهل هي سنة أو تنحط عن رتبة السنن إلى الرغائب والمندوبات؟ حكى عبد الوهاب في معونته عن أصبغ وغيره أنها سنة. وظاهر كلام مالك بن أنس أنها ليست سنة وهي من الرغائب. قال ابن حبيب وقال مالك: كان سليمان بن يسار ومجاهد يقولان: شهود الجنازة أفضل من شهود النوافل والجلوس في المسجد. وقال ابن المسيب وزيد بن أسلم: النوافل والجلوس في المسجد أفضل حتى إن سعيدا لم يخرج من المسجد إلى جنازة علي بن الحسين، ورأي أن ما فعل أفضل.
قال: وكان مالك يرى ذلك إلا في جنازة الرجل الذي ترجى بركته فإن شهوده أفضل.
وذكر ابن القاسم في العتبية عن مالك رحمه الله مثله إلا أن يكون له حق من جوار أو قرابة أو أحد ترجى بركة شهود. وظاهر هذا يقتضي أنها ليست في رتبة صلاة العيدين وغيرها من السنن المؤكدة. ووجهه أن سادات الأمة وأهل الفضل لم تزل في سائر الأمصار على توالي الأعصار تلازم مساجدهم وزواياهم مع قطعهم بوجود الجنائز في مصرهم، فلو كان حضورها من السنن المؤكدة لكانت الأئمة يؤثرونها على سائر النوافل، ولو فعلوه لما اتصل العمل في سائر الآفاق على خلافه انتهى. ففهم من كلامه أن فيها ثلاثة أقوال: الأول أنها فرض كفاية. الثاني أنها سنة. الثالث أنها مستحبة. وظاهر كلامه ترجيح القول بالسنة وأن سنيتها دون سنية صلاة العيد وغيرها من السنن المؤكدات، وقد تقدم في فصل الأوقات ما يرجح القول بالسنية والله أعلم.
تنبيهات: الأول: قال في الذخيرة قال في الجواهر: وهي كسائر الصلوات من اشتراط الطهارة لها ويدلنا على اشتراط الطهارة خلافا لقوم قوله (ص) لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا تصلى بالتيمم إلا كسائر الصلوات. قال ابن حبيب: إن كانت تفوت بالتماس الماء فالامر واسع وما علمت أحدا من الماضين كرهه إلا مالك.
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست