له إلا الصوم وقوله لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وقوله (ص): إن أفضل الصيام صيام أخي داود وقد كان يصوم يوما ويفطر يوما من غير تقييد بما عدا رجب من الشهور. ومن عظم رجبا بغير الجهة التي كان أهل الجاهلية يعظمونه لها فليس بمقتد بالجاهلية، وليس كل ما فعلته الجاهلية منهيا عن ملابسته إلا إذا نهت الشريعة عنه ودلت القواعد على تركه، ولا يترك الحق لكون أهل الباطل فعلوه. والذي نهى عنه من أهل الحديث جاهل معروف بالجهل لا يحل لمسلم أن يقلده في دينه إذ لا يجوز التقليد إلا لمن اشتهر بالمعرفة بأحكام الله تعالى وبمأخذها، والذي يضاف إليه ذلك بعيد عن معرفة دين الله تعالى فلا يقلد ومن قلده فقد غر بدينه انتهى. وقال الدميري في منظومته:
تتميم الأصب صومه * ندب لكل قادر وبالنذر يجب وأحمد كرهه إذا انفرد * والمانع المطلق قوله يرد والنهي عنه قد روى ابن ماجة * وضعفه النسائي في الديباجة والشيخ عز الدين قال من نهى * عن صومه في كل حالة سها وشد النكير في الرد عليه * وقال لا يرجع في الفتوى إليه إذ الذين نقلوا الشريعة * ما كرهوا صيامه جميعه وفي عموم طلب الصوم اندرج * وزال عن صائمه به الحرج وابن الصلاح قال من روى رجب * فيه عذاب صائميه قد وجب غير صحيح لا تحل نسبته * إلى رسول الله ضل مثبته ففي عموم الفضل للصوم نصوص * تدل لاستحبابه على الخصوص الثالث: قال ابن عرفة: لما ذكر ما ورد الترغيب في صيامه من الأيام والشهور وفي صوم الأشهر الحرم المحرم ورجب وذي القعدة وذي الحجة وهذا أولى من عدها من عامين انتهى.
قلت: قال السهيلي في أوائل الروض الأنف لما تكلم على النساة الذين نسؤوا الأشهر الحرم:
قول ابن هشام أول الأشهر الحرم المحرم هذا قول. وقد قيل إن أولها ذو القعدة لأن رسول الله (ص) بدأ به حين ذكر الأشهر الحرم. ومن قال المحرم أولها احتج بأنه أول السنة. وفقه هذا الخلاف أن من نذر صيام الأشهر الحرم فيقال له على القول الأول ابدأ بالمحرم ثم برجب ثم