المأكول. ثم قال: ومما أحدثوه فيه من البدع زيارة القبور وزيارة القبور في هذا اليوم المعلوم بدعة مطلقا للرجال والنساء. ومن البدع التي أحدثها النساء فيه دخول الجامع العتيق بمصر واستعمالهن الحناء في هذا اليوم على كل حال فمن لم تفعلها فكأنها ما قامت بحق عاشوراء.
ومن ذلك محرهن الكتان فيه وتسريحه وغزله وتبييضه ويشلنه ليخطن به الكفن ويزعمن أن منكرا ونكيرا لا يأتيان من كفنه مخيط بذلك العزل، وهذا فيه من الافتراء والتحكم في دين الله ما هو ظاهر. ومما أحدثوا فيه من البدع البخور فمن لم يشتره منهم في ذلك اليوم ويتبخر به فكأنه ارتكب أمرا عظيما، وكونه سنة عندهم لا بد من فعلها وادخارهن له طول السنة يتبخرن به إلى أن يأتي عاشوراء الثاني ويزعمن أنه إذا تبخر به المسجون خرج من سجنه وأنه يبرئ من العين والنظرة والمصاب والموعوك، وهذا أمر خطر لأنه يحتاج إلى توقيف من صاحب الشريعة فلم يبق إلا أنه أمر باطل فعلنه من تلقاء أنفسهن.
قلت: وقد سئل الحافظ عبد الرحيم العراقي الشافعي عن أكل الدجاج والحبوب يوم عاشوراء أهو مباح أو محرم؟ فأجاب بأنه من جملة المباحات فإن اقترنت به نية صالحة فهو من الطاعات. قال: وذكر أن بعض أهل العصر أفتى بتحريم ذلك في هذا اليوم وأنه لا يستحب فيه شئ غير الصوم. قال: فسألت عنه فإذا هو ممن ينتحل فتاوى الشيخ تقي الدين بن تيمية فنظرت بعض فتاوي الشيخ تقي الدين المتعلقة بذلك فوجدته سئل عن أشياء تتعلق بيوم عاشوراء. ومن المسؤول عنه ذبح الدجاج وطبخ الحبوب في هذا اليوم فأجاب: ليس شئ من ذلك سنة في هذا اليوم بل هو بدعة لم يشرعها رسول الله (ص) ولا فعلها هو ولا أصحابه. ثم ذكر حديثا عن أبي هريرة يتضمن الامر بصيامه والتوسعة فيه على العيال وإحياء ليلته والصلاة فيه، وأن من اغتسل فيه لم يمرض إلا مرض الموت، ومن اكتحل فيه لم ترمد عينه في تلك السنة. ثم قال: وقد علم أنه لم يستحب أحد من أئمة الاسلام ولا روى أحد من أئمة الحديث ما فيه استحباب الاغتسال في يوم عاشوراء ولا الكحل والخضاب وتوسيع النفقة ولا الصلاة المذكورة ولا إحياء ليلة عاشوراء ولا أمثال ذلك مما تضمنه هذا الحديث، ولا ذكروا في ذلك سنة عن أصحاب رسول الله (ص). وأعلى ما بلغني في ذلك رواه ابن عيينة عن محمد بن المنتشر أنه: من وسع على أهل يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته. قال ابن المنتشر:
جربناه ستين سنة فوجدناه حقا. ثم اعترض على ابن المنتشر فيما ذكره. ثم قال العراقي: ولقد تعجبت من وقوع هذا الكلام من هذا الامام الذي تقول أصحابه أنه أحاط بالسنة علما وخبرة.
وقوله: لم يستحب أحد من أئمة الاسلام توسيع النفقة على الأهل يوم عاشوراء وقد قال بذلك عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله ومحمد بن المنتشر وابنه وأبو الزبير وشعبة ويحيى بن سعيد وسفيان بن عيينة وغيرهم من المتأخرين. وأما قوله: ولا روى أحد من أئمة الحديث ما فيه استحباب ذلك فليس كذلك فقد رواه من أئمة الحديث في كتبهم المشهورة الطبراني