مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٢٧٨
رمضان انتهى. وظاهر كلامه أن الخلاف في الجواز وعدمه والذي يقتضيه كلام الاكمال أن الخلاف إنما هو في الكراهة وهو الظاهر كما سيأتي في كلا النووي. وقال في الاكمال في كتاب الصوم نحو ما تقدم عنه في كتاب الايمان. وذكر الدميري من الشافعية في شرح سنن ابن ماجة وابن حجر في شرح البخاري أن مذهب مالك أنه لا يجوز أن يقال رمضان وتبعا في ذلك النووي فإنه قال في شرح مسلم في كتاب الصوم: في هذه المسألة ثلاثة مذاهب: قالت طائفة: لا يقال رمضان على انفراده بحال وإنما يقال شهر رمضان وهذا قول أصحاب مالك وغيرهم. وقال أكثر أصحابنا وابن الباقلاني: إن كان هنالك قرينة تصرف إلى الشهر فلا كراهة وإلا فتكره، والمذهب الثالث مذهب البخاري والمحققين أنه لا كراهة في إطلاق رمضان بقرينة وبغير قرينة، وهذا المذهب هو الصواب والمذهبان الأولان فاسدان انتهى. إلا أن كلام النووي ليس فيه تصريح بأن ذلك لا يجوز بل ظاهر عبارته أن ذلك مكروه، والعجب من الآبي في نقل كلامه وسكوته عليه وعدم ذكره كلام القاضي عياض، ومن ابن الفاكهاني في شرح العمدة في نقله كلام النووي وعدم تنبيهه على ما نسبه لأصحاب مالك مع أنه اعترض عليه بأن في كلامه مؤاخذة عليه في أربعة مواضع وذكرها.
قلت: وما نسبه لأصحاب مالك غريب غيره معروف في المذهب وقد تكرر في لفظ مالك في الموطأ في المدونة لفظ رمضان من غير ذكر الشهر والله أعلم. ونقل المسألة النووي أيضا في تهذيب الأسماء واللغات إلا أنه لم يصرح بنسبة ذلك لأصحاب مالك ونصه: اختلف العلماء هل يكره أن يقال رمضان من غير ذلك الشهر: فذهب بعض المتقدمين إلى كراهته. وقال أصحابنا: إن كانت هناك قرينة تدل على أن المراد الشهر كقوله: صمت رمضان وجاء رمضان الشهر المبارك لم يكره إفراده، وإن لم تكن هناك قرينة كره كقوله: جاء رمضان ودخل رمضان. قال: واحتجوا بحديث أبي هريرة: لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى ولكن قولوا شهر رمضان وهذا الحديث رواه البيهقي وضعفه والضعف بين عليه. قال: وروي الكراهة في ذلك عن مجاهد والحسن البصري. قال البيهقي: والطريق إليها في ذلك ضعيف، والصحيح ما ذهب إليه البخاري وجماعة من المحققين أنه لا كراهة في ذلك مطلقا كيفما قيل، لأن الكراهة لا تثبت إلا بالشرع ولم يثبت في ذلك شئ. وقد صنف جماعة لا يحصون في أسماء الله تعالى فلم يثبتوا هذا الاسم، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة جواز ذلك. ففي الصحيحين: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة الحديث. وفي بعض الروايات: إذا دخل رمضان وفي رواية مسلم إذا كان رمضان انتهى. وقال الجزولي في شرح الرسالة: اختلف في رمضان هل هو اسم للشهر وهو المشهور، أو اسم من أسماء الله تعالى قاله مجاهد وجماعة؟ انتهى.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست