إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٤ - الصفحة ٣٩٢
والأخروية قضى الله حاجته. اللهم يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، اقض حوائجنا الدنيوية، والأخروية، ووفقنا لاصلاح النية، بجاه سيدنا محمد خير البرية، وأهل بيته ذوي النفوس الزكية.
وهذا آخر ما يسر الله جمعه من حاشية فتح المعين بشرح قرة العين، وكان ذلك يوم الأربعاء بعد صلاة العصر السابع والعشرين من شهر جمادى الثانية سنة ألف ومائتين وثمانية وتسعين، على يد مؤلفها راجي العفو والغفران من ربه ذي العطا أبي بكر ابن المرحوم محمد شطا. وقد جاءت بحمد الله حاشية لا كالحواشي، أعيذها بالله من كل حاسد وواشي، تقر بها أعين الناظرين، ويشفي بها صدور المتصدرين، وتنزل من القلوب منزلة الجنان، ومن العيون منزلة الانسان. كيف وقد بذلت الجهد في توشيحها وترشيحها، وصرفت الوسع في تهذيبها وتنقيحها، مع أني أبدي الاعتذار، لذوي الفضل والاقتدار، وأقول: قل أن يخلص مصنف من الهفوات، أو ينجو مؤلف من العثرات، مع عدم تأهلي لذلك، وقصور باعي من الوصول لما هنالك، ومع ضيق الوقت وكثرة الاشغال، وتوالي الهموم على الاتصال، وترادف القواطع، وتتابع الموانع، وعدم الكتب التي ينبغي أن تراجع في مثل هذا الشأن. وأرجو منهم إن رأوا خللا، أو عاينوا زللا، أن يصلحوه بعد التأمل بإحسان، ولا يستغرب هذا من الانسان، خصوصا وقد قيل الانسان محل النسيان:
وما سمي الانسان إلا لنسيه ولا القلب إلا أنه يتقلب ولله در ابن الوردي حيث يقول:
فالناس لم يصنفوا في العلم لكي يصيروا هدفا للذم ما صنفوا إلا رجاء الاجر والدعوات وجميل الذكر لكن فديت جسدا بلا حسد * ولا يضيع الله حقا لاحد والله عند قوم كل قائل * وذو الحجا من نفسه في شاغل فإذا ظفرت أيها الطالب بمسألة فاخمة فادع لي بحسن الخاتمة، وإذا ظفرت بعثرة فادع لي بالتجاوز والمغفرة.
وأتضرع إلى الله سبحانه وتعالى وأسأله من فضله العميم، متوسلا بنبيه الكريم، أن ينفع بها كما نفع بأصلها الخاص والعام، ويقبلها بفضله كما أنعم بالاتمام، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وسببا للفوز بجنات النعيم. وأن يطهر ظواهرنا بامتثال أوامر واجتناب نواهيه. وأن يخلص سرائرنا من شوائب الأغيار والشيطان ودواعيه، وأن يتفضل علينا بالسعادة التي لا يلحقها زوال، وأن يذيقنا لذة الوصال بمشاهدة الكبير المتعال، وأن يلحقنا بالذين هم في رياض الجنة يتقلبون، وعلى أسرتها تحت الحجال يجلسون، وعلى الفرش التي بطائنها من إستبرق يتكئون، وبالحور العين يتمتعون، وبأنواع الثمار يتفكهون: * (يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين، لا يصدعون عنها ولا ينزفون، وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون، وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون، جزاء بما كانوا يعملون) *. فنالوا بذلك السعادة الأبدية، وكانوا بلذائذ المشاهدة هم الواصلون. والصلاة والسلام على الواسطة العظمى لنا في كل نعمة، وعلى آله وأصحابه كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
يقول المؤلف عفا الله عنه وعن آبائه وأخوانه ومحبيه ومشايخه والمسلمين أجمعين قد تم تحرير هذه الحاشية المباركة إن شاء الله تعالى، يوم الاثنين المبارك بعد ظهر الثالث والعشرين من شهر شوال المعظم، قدره سنة ثلاثمائة وألف 0031 من هجرة من خلقه الله على أكمل وصف، (ص)، وجاء لله الحمد على أتم حال، وأحسن منوال، وذلك بواسطة حبيبه المصطفى (ص)، وشيخي وأستاذي مربي الطالبين. ناشر شريعة سيد المرسلين. ورئيس العلماء والمدرسين. ومفتي الأنام ببلد الله الأمين، مولانا العارف بربه المنان، السيد أحمد بن زيني دحلان. وبواسطة بقية

(1) سورة الواقعة، الآية 17 - 24.
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 » »»
الفهرست