(قوله: فرع) الأولى فرعان لذكره لهما: الأول: قوله لو قال السيد الخ، والثاني: قوله ولو قال كاتبتك الخ. (قوله:
لو قال السيد الخ) أي لو ادعى السيد على المكاتب بعد قبضه نجوم الكتابة أنك فسخت عقد الكتابة قبل أن تؤديني المال، فأنكر المكاتب ذلك، فإن أقام السيد بينة على ما ادعاه سمعت وإلا صدق المكاتب بيمينه. (قوله: كنت) بتاء المخاطب. (وقوله: فسخت) أي قبل قبض المال. (قوله: فأنكر المكاتب) أي أصل الفسخ، أو كونه قبل قبض المال منه. (قوله: صدق) أي المكاتب بيمينه إن لم يأت السيد بالبينة. (قوله: لان الأصل عدم الفسخ) لو قال لان الأصل عدم ما ادعاه السيد لكان أولى، ليشمل الصورة الثانية وهي ما إذا أنكر كونه قبل قبض المال. (قوله: وعلى السيد البينة) أي على ما ادعاه، فإن أقامها سمعت وفسخت الكتابة، وبقي العبد على رقه. (قوله: ولو قال) أي السيد للمكاتب. (قوله:
وأنا صبي) في المنهاج والمنهج إسقاطه والاقتصار على قوله. كاتبتك وأنا مجنون، أو محجور علي، وهو الأولى ليلائم قوله بعد إن عرف له ذلك، إذ هو إنما يظهر فيهما. (قوله: أو محجور علي) أي بسفه، تحفة ونهاية. (قوله: فأنكر المكاتب) أي ما ادعاه السيد وقال له: بل كاتبتني وأنت بالغ عاقل رشيد. (قوله: حلف السيد) أي وصدق بحلفه. (قوله:
إن عرف له ذلك) أي ما ادعاه من الجنون والحجر، وذلك لقوة جانبه حينئذ لكون الأصل بقاءه، ومن ثم صدقناه مع كونه مدعيا للفساد على خلاف القاعدة، وهو مخالف لما ذكروه في النكاح من أنه لو زوج بنته ثم قال: كنت محجورا علي، أو مجنونا يوم زوجتها، لم يصدق وإن عرف له ذلك. وفرق بأن الحق ثم تعلق بثالث وهو الزوج بخلافه هنا. (قوله: وإلا فالمكاتب) أي وإن لم يعرف للسيد ما ادعاه، فيحلف المكاتب ويصدق بحلفه. (وقوله: لان الأصل عدم ما ادعاه السيد) أي ولضعف جانبه بفقد القرينة. (قوله: إذا أحبل الخ) شروع في الاعتاق بالفعل، وهو الاستيلاد. وقد أفرده الفقهاء بترجمة مستقلة. وختم كتابه به لان العتق فيه يعقب الموت الذي هو خاتمة أمر العبد في الدنيا، وهو قربة في حق من قصد به حصول ولد وما يترتب عليه من العتق وغيره من القربات - كما تقدم - واختلف فيه هل هو أقوى من العتق باللفظ، أو العتق باللفظ أقوى منه؟ ذهب ابن حجر إلى الأول، وعلله بنفوذه من المجنون والمحجور عليه بسفه، وذهب م ر إلى الثاني وعلله بأن اللفظ ينفذ قطعا بخلافه بالاستيلاد لجواز أن تموت المستولدة أو لا، وبأنه مجمع عليه، بخلاف الاستيلاد. والأصل فيه أنه (ص) قال في مارية أم إبراهيم لما ولدت أعتقها ولدها: أي أثبت لها حق الحرية. رواه الحاكم، وقال أنه صحيح الاسناد. وخبر: أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبر منه. أي بعد آخر جزء من حياته. رواه ابن ماجة والحاكم وصحح إسناده، وخبر الصحيحين: عن أبي موسى قلنا يا رسول الله إنا نأتي السبايا ونحب أثمانهن فما ترى في العزل، أي الانزال خارج الفرج؟ فقال: ما عليكم أن لا تفعلوا. ما من نسمة كائنة أو مقدرة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة، أي موجودة. ففي قولهم ونحب أثمانهن دليل على أن بيعهن بالاستيلاد ممتنع. واستشهد البيهقي لامتناع بيعها بقول عائشة رضي الله عنها: لم يترك رسول الله (ص) دينارا، ولا درهما، ولا عبدا، ولا أمة. قال: ففيه دلالة على أنه لم يترك أم إبراهيم رقيقة، وأنها عتقت بعد موته. وقد استنبط سيدنا عمر رضي الله عنه امتناع بيع أم الولد من قوله تعالى: * (فعل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * فقال وأي قطيعة أقطع من أن تباع أم امرئ منكم؟
وكتب إلى الآفاق لا تباع أم امرئ منكم، فإنه قطيعة، وأنه لا يحل. رواه البيهقي مطولا.
تنبيه: آثر التعبير بإذا على التعبير بأن لان أن تختص بالمشكوك والموهوم والنادر، بخلاف إذا فإنها للمتيقن والمظنون. ولا شك أن إحبال الإماء كثير مظنون بل متيقن، ونظيره قوله تعالى: * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) * الخ.
وقوله تعالى: * (وإن كنتم جنبا) *. فخص الوضوء بإذا لتكرره وكثرة أسبابه، والجنابة بأن لندرتها. أفادته في التحفة.